- ما الذي يجمع بين هذه الكلمات: روشن، والسامبا، والراقي؟. إنه الفن في أسمى معانيه. والفن هو قمة الحضارة، وذروة سنام الثقافة، وله تبنى المتاحف.
- الروشن هو وحدة بناء المشربيات في العمارة التقليدية في المنطقة الغربية من المملكة موطن الراقي، والسامبا هي فن إيقاع الرقص البرازيلي، أما الراقي فهو الملكي، وهو قلعة الكؤوس، وهو الأهلي. وعندما يقترن الفن بأساطير الكرة في البرازيل وحفدتهم في المملكة، فلك أن تتخيل أي حديث هذا.
- والحديث عن الأهلي هو بالضرورة حديث عن الكرة البرازيلية التي اقترن تاريخه منذ أكثر من أربعة عقود بأساطير الكرة في بلد الكرة. ديدي، تيلي سانتانا، لازوراني وغيرهم أسماء عملاقة صنعت تاريخ الأهلي.
- وكما صنعت الكرة البرازيلية مجد المنتخب البرازيلي فقد صنع الأهلي باستقطابه لهذه الأسماء تاريخ الكرة السعودية في وقت كانت معظم الأندية لا تزال في طور التكوين. لقد كان الأهلي منذ انطلاقته كيانا كرويا، صرحا، مؤسسة أكاديمية، قبل أن يكون فريقا للكرة. وكما اهتز عرش الكرة البرازيلية بعد هزيمة المنتخب التاريخية في مونديال إسبانيا عام 1982 اهتز عرش الأهلي. هذه هي التوأمة بين السامبا والراقي. هذا هو الأهلي، والأيام دول.
- غير أن التاريخ يأبى إلا أن يرافق الأهلي في عودته الظافرة. ففي مساء الجمعة الماضية كانت الجماهير الرياضية وغير الرياضية داخل المملكة وخارجها على موعد مع انطلاقة دوري روشن بالتزامن مع انطلاقة الدوري الإنجليزي والدوري الإسباني في إشارة بالغة الدلالة على علو كعب دوري روشن. في تلك الليلة التاريخية، تم تدشين دوري روشن لهذا العام بحلته الجديدة. في تلك الليلة التاريخية، استقبل مجانين الراقي كما سماهم معلقو القنوات الرياضية ناديهم وزفوه إلى موطنه بأهازيج واحتفالات وصلت أصداؤها إلى معاقل كرة القدم في أوروبا والبرازيل. في تلك التاريخية ظهر واحد من أبناء السامبا اسمه فيرمينو وسجل أسرع وأول هاتريك في تاريخ الملكي. في تلك الليلة التاريخية دشن كبير الكرة السعودية (كما هو مسجل في المحافل الدولية) انطلاقة أكبر دوري في تاريخ المملكة، في تلك الليلة التاريخية تم عزف السامبا.
- إننا ونحن في الملاعب السعودية في طول البلاد وعرضها وباسم جميع الأندية وجماهيرها العريضة داخل المملكة وخارجها ونحن نحتفل بعودة كبير الدوري إلى موطنه نحتفل أيضا بظهور الدوري السعودي على خارطة الدوريات الكبرى في كرة القدم في العالم. فقط انظر إلى ما تكتبه الصحافة الأجنبية وهي تتحدث عن التأثير الذي حدث في فريق النصر مع نجمه التاريخي، تماما كما حدث مع قطب جدة الآخر واستقطابه لآخر لاعب فاز بالكرة الذهبية، وكما حدث للزعيم للتو مع آخر صفقات نجومه. لك فقط أن تفتخر عند وصف لاعبي الملكي بالـ (the royals) في صحافتهم، أو عندما تستمع لمعلقي القنوات الرياضية في البرازيل في إشادتهم بالدوري السعودي. هذا عهد جديد للكرة السعودية التي وجدت في تدخل صندوق الاستثمارات العامة خط حياة جديدا لها، وهو ما نأمل جميعا أن ينعكس على أداء المنتخب الوطني في المحافل الدولية.
- شكون انتوما، لمن لا يتابع فعاليات الدوري هي ترويسة النشيدة الجديدة للراقي وقد تم تدشينها مع بداية الموسم. هذه الترويسة متأثرة باللهجة الأمازيغية حيث فجر تعاقد الملكي مع واحد من أبناء محاربي الصحراء سيلا من التعاطف الجماهيري مع هذا الكيان ليس في الجزائر وحدها ولكن في طول العالم العربي وعرضه.
- رب ضارة نافعه، قبل عام تقريبا كان هبوط قلعة الكؤوس إلى دوري يلو حديث الجماهير، وها هو اليوم أيضا حديث الجماهير. ويبقى الكبير كبيرا.
* أستاذ العمارة والفن بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل