- قبل عقود، أصدرت مرجعيات النشر والثقافة والقصيد في بلادنا قرارًا يأمر كل شاعر كتب قصيدة مغنّاة رأى فيها البعض مفردات صارخة، وتابع المدعي المحتسب الموضوع عند أدنى وأعلى الدوائر، بحثًا عن عقاب رادع يجعل كل أهل القافية يراجعون ما تجود به قرائحهم.
- البعض قال الجلد علنًا والبعض الآخر رأى الحبس، وثالث رأى في الغرامة المالية خير مؤدِّب (خير ما يؤدب الإنسان في ماله)، وآخرون جاؤوا بفكرة منع ظهور اسمه في الصحف.
لكن الأسهل هو ما اتُّخذ آنذاك وهو أن يُستتاب ويُطلب منه نشر توبة بالصحف المحلية، لكنهم تسامحوا قليلًا واكتفوا بأن ينشر الشاعر توبته في الصحيفة التي نشرت قصيدته موضع الجدل.
بعد فترة صادف أن نشر شاعر آخر قصيدة لقيت نفس الجدل، اتخذته الدائرة العقاب الأول سابقة قانونية تُحتذى، فطلبت من الشاعر الجديد نشر توبة. فقام الشاعر بنسخ توبة زميله ونشرها، فادّعى عليه زميله (مازحًا) بأنه سرق توبته ونشرها نصًّا دون استئذان.
- وفي اعتقادي فإن نشاطات الأدب عامة تكون خطوطها البيانية صعودًا وهبوطًا تبعًا لمجالات وظروف الحال وما تسمح به أوعية الاستقبال، وكحصيلة لذلك فإن مشاركات الكاتب في السنين الأخيرة كانت كبيرة، وبرز العديد من الصحفيين وقارضي الشعر بجزءيه، وكان نتاجهم معروفًا، وشاشات التلفاز لا تخلو من وجود أصحاب قضايا وآراء، وفجأة نجد سيل القلم يأخذ بالتراجع بسبب واقعة أو حدث عابر، وطبيعي أن يؤثر ذلك بشكلٍ أكبر في نشاط القول والرأي، أتفق مع القائلين بأن الشطر المرئي من الإعلام العربي كان في ذلك الزمن فيه مساحة أعمّ للشعر الفصيح والتأليف الغنائي.
- في الغرب ثمة قوانين وقواعد للنشر بكافة فروعه، وتلك مع العُرف اسمها القذف، تشويه السمعة، الافتراء، التحريف، المسؤولية القانونية والأحكام فيها صارمة إذا كبُرتْ.
قصدي أكبر من «نشر توبة».