في لقاءٍ جميل جمعني بعددٍ من الطلاب والطالبات الجامعيين، ممن هم على وشك التخرّج والالتحاق بسوق العمل، تحدّثتُ عن «خلطة» النجاح الوظيفي، من وجهة نظري، والتي أرى أنها تساعد الشخص كثيرًا ليبرز ويتقدم في مجال عمله، ويكون محل اهتمام رؤسائه، لا سيّما في برامج التدريب والتطوّر الوظيفي.
وسأشير هنا إلى بعض مكوّنات تلك «الخلطة» التي تجعل الشخص فرسَ رهانٍ يُعتمد عليه في إنجاز المهام وقيادة فِرَق العمل.
(1) الانضباط:
ويعرّفه السيد براين تريسي في كتابه معجزة الانضباط الذاتي «The Miracle of Self Discipline» نقلًا عن كاب ماير، الذي التقاه في بداية حياته المهنية، وسأله عن أهم مبادئ النجاح، فأجابه ماير بأنه «الانضباط الذاتي»، وعرّفه له بقوله: «أنْ تحمل نفسك على أن تفعل ما يجب عليك فعله، عندما يجب عليك أن تفعله، سواء أعجبك ذلك أم لم يعجبك». بمعنى أن تفعل ما يقتضيه الأمر للنجاح، سواء أعجبك ذلك، أو كان مرهقًا لك، ولا ترغب بفعله.
(2) التعلم المستمر:
إن غالبية الناجحين في وظائفهم يدركون أن عملية التعلم رحلة طويلة، وليست محطة وصول تقف عندها، باستلامك الشهادة الجامعية أو غيرها من الدرجات العلمية.
وقديمًا قيل: «لا ينالُ العلمَ مستكبرٌ، ولا مستحي». فمَنْ رأى أن مكانته الوظيفية لا تسمح له بسؤال مَن هم أقل منه، أو أنَّ صورته قد تهتز أمامهم، فقد أخطأ خطأً كارثيًّا، سيكلفه الكثير على المدى البعيد.
ولا تخجل من أن ينظر لك أحدهم نظرة انتقاصٍ عند سؤالك له عن أمرٍ يراه بسيطًا أو واضحًا ومفهومًا بالنسبة له، فالوقت كفيل بأن يجعله يومًا ما يرى نتائج أسئلتك وبحثك الدؤوب عن المعرفة.
تعلَّم وطوِّر ذاتك لتكون جاهزًا حين تأتي الفرصة، فإنها لن تنتظر عند بابك لتستعدّ.
(3) الحرص على بناء وتعزيز العلاقات الجيدة مع الآخرين:
إنَّ امتلاك الموظف علاقات جيدة بزملائه ورؤسائه ومرؤوسيه يعزز من فرص حصوله على الدعم الذي يحتاجه لينجز مهامّه على أكمل وجه.
أضف إلى ذلك أن الموظف حين تربطه بمَن حوله علاقات جيدة مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل، فإن ذلك يخلق بيئة صحية للعمل ومحفزةً على الإنجاز والإبداع، لا تلك البيئات السلبية الطاردة التي ينتشر فيها القيل والقال وتصيّد الأخطاء.
(4) الإتقان ذروة سنام الإنجاز:
احرص دائمًا على الإتقان وليس مجرد الإنجاز. فالكثير من زملائك الموظفين قد ينجزون العمل، ولكن القليل منهم مَن يستطيع أو يحاول إتقانه.
وللحديث بقية، في الأسبوع القادم، «بإذن الله».