@DrAlghamdiMH
* لاحظت ارتفاع درجات الحرارة في الشطر الشرقي من الطريق الساحلي الذي يقسّم سهول تهامة إلى شطرَين شرقي وغربي. وهذا يعني أن الهبوب تزداد سرعتها من الغرب إلى الشرق. لكن وجدت ذلك أمرا طبيعيا؛ بسبب رطوبة ينقلها (الهبوب) القادم من البحر، والمحمّل ببخار الماء، فيعمل على خفض درجة الحرارة غرب الطريق الساحلي، خاصة للمناطق المحاذية لمياه البحر الأحمر مباشرة.
* الأمر غير الطبيعي، زيادة درجة حرارة الهبوب مع تحركها شرقًا عبر الطريق الساحلي. كنتيجة تتعاظم سرعتها كلما اتجهنا شرقًا نحو قاعدة جبال الحجاز والسراة الشاهقة الارتفاع، بأكثر من (2000) متر. ماذا تعني هذه الملاحظة؟ ما أهميتها؟ وكيف يمكن الإبطاء من سرعة هذا الهبوب شرق الطريق؟
* اختلاف درجات الحرارة في سهول تهامة يشكّل تيارات هوائية، تختلف في سرعتها، حسب ارتفاع درجة الحرارة. نتيجة لذلك لاحظت (الغُبْرِي - الغبار العالق) يزداد مع زيادة درجة الحرارة في مناطق تهامة. ويقل أو ينعدم مع انخفاض درجات الحرارة في هذه السهول.
* هذا يعني أنه مع زيادة وتعاظم درجة الحرارة، تتعاظم سرعة تحرك الهبوب مندفعة شرقًا جهة الجبال. ونتيجة لذلك تعمل على تحريك حبيبات التربة الجافة، وتنقلها معها شرقًا. كنتيجة تزيد من موجات زحف الرمال. لكن الأهم أنها تعظم في طريقها دفق موجات ضخمة وهائلة، من جزيئات التربة الجافة، والتي لا تشاهد بالعين المجردة. تدفع بها في الفضاء حتى أنها تحجب رؤية الأشياء حتى السكنية منها. إنها (الغُبْرِي - الغبار العالق)، والتربة مصدره.
* لاحظت أيضًا أن كثافة الغبار بكل أشكاله، تختلف بين شرق وغرب الطريق الساحلي. وهذا يعني أشياء أخرى مهمة، لها تفسير، وفقًا لقواعد لعبة الهبوب وسرعتها، وذلك وفقًا لارتفاع درجات الحرارة. هذا الاختلاف لم يأتِ فجأة، لكنه جاء مع تراكم السنين، وبتأثير سرعة التيارات الهوائية القادمة من البحر الأحمر، بفعل ارتفاع درجات الحرارة شرقًا. هذا يعني أن التربة غرب الطريق الساحلي فقدت الكثير من جزيئات التربة التي لا تُرى بالعين المجردة ونقلتها شرقًا. ونتيجة لذلك زادت حبيبات التربة البلورية التي نشاهدها تزحف على الطريق وبقية المناطق من تجمّعات سكانية ومزارع غرب الطريق الساحلي.
* لاحظت أيضًا أن نوع الغبار وكثافته يختلفان بين شرق وغرب الطريق الساحلي. وهذا يعود إلى نوع التربة بين شرق الطريق وغربه. إن مصدر كل تربة سهول تهامة هي جبال الحجاز والسراة. وضَّحت هذا في كتابي الأخير بعنوان: (بيشة، الموقع الإستراتيجي، لقياس مستقبل وضع المياه الجوفية، في المملكة العربية السعودية)؛ حيث كانت سهول تهامة يومًا عبارة عن مياه البحر الأحمر. أي أنها كانت محاذية، وبشكل مباشر، لقواعد جبال الحجاز والسراة. وعبر العصور الجيولوجية المتعاقبة، تم جرف التربة الطينية لهذه الجبال. فدفنت مياه البحر المحاذي مباشرة لهذه الجبال، مكوّنة شريط سهول تهامة من شمال إلى جنوب البحر الأحمر.
* وبفعل التكرار التراكمي لجرف التربة الطينية للجبال شرقًا، عبر الأزمان، تكوَّنت هذه السهول التي نشاهدها اليوم. ماذا يعني هذا الاستنتاج؟ يحمل هذا الاستنتاج التفسير العلمي لوجود (الغُبْرِي - الغبار العالق) في سهول تهامة، وفي مناطق سلسلة جبال الحجاز والسراة من الدرع العربي. هكذا توصلت إلى قناعة علمية بأن نوع التربة في مناطق سهول تهامة، هي مصدر (الغُبْرِي - الغبار العالق) الكثيف الذي تعاني منه مناطق تهامة، ومناطق جبال الحجاز والسراة.
* تتميّز هذه التربة بكونها تربة طينية، أشبه بالصلصال الذي نعرف. هذا يعني أنها في حالة الجفاف تصبح هشة غير متماسكة، ويمكن تفتيتها بسهولة. هذا الوضع يسهل جرفها وضياعها؛ بسبب التيارات الهوائية بكل أشكالها في سهول تهامة. ويستمر الحديث بعنوان آخر.