- في عالم السياسة وصنع القرار، يعتبر مصطلح «الأخطاء القاتلة» من المصطلحات الفلسفية المهمة التي تُستخدم لوصف الأخطاء البشرية ذات الأثر الكارثي، هذه الأخطاء هي نتيجة تحليل فضفاض للمشكلات والعقبات؛ نتيجة قراءة خاطئة أو أجندة غير ناضجة؛ مما يتسبب في اتخاذ قرارات غير حكيمة تنتج عنها تبعات وخيمة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والسلم العالمي.
- مصطلح الأخطاء القاتلة يذكّرنا بأننا كمجتمعات وأفراد يجب أن نكون حذرين وملتزمين بالتعلم من الأخطاء التاريخية وتحسين عملية صنع القرار في المستقبل عبر آليات تشاورية وبحثية.
إن فهم الأخطاء القاتلة والعمل على تجنبها يساهمان في بناء مجتمعات أكثر استقرارًا وازدهارًا؛ حيث يتم تحقيق التوافق والعدالة والتنمية المستدامة...
قبل أيام ظهر الرئيس بايدن ضاحكًا ليردد عبارة أن ترامب رجل وسيم في إشارة للصورة التي التقطها ترامب أثناء خضوعه للتحقيق والاعتقال المؤقت مؤخرًا، ضاربًا بعرض الحائط حقيقة أن ترامب يملك نصف الشارع الأمريكي بأقل تقدير، في السياسة الأمريكية أحد أخطر الأخطاء القاتلة هو التعصب الحزبي الشديد وانقسام المجتمع، فعندما يصبح الانقسام السياسي هو السمة السائدة، يتم تعطيل القدرة على التوصل إلى توافقات وحلول شاملة في ملفات وجودية مهمة لا يمكن حسمها بالتناحر، مثال على ذلك غزو العراق وأفغانستان على الصعيد الخارجي، وتعطيل حكومة الولايات المتحدة في عام 2013؛ بسبب الخلافات الحزبية حول الميزانية الفيدرالية، ومن ثم ملابسات الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي لا تزال تبعاتها تؤثر على أمريكا والعالم على الصعيد الداخلي، ناهيك عن اللعب بورقة الإرهاب، وهذا ملف تتداخل فيه المفاهيم والمصالح، فرغم أن البشرية كلها تشجب الإرهاب إلا أنها لم تتوصل حتى الآن إلى تعريف موحّد حوله؛ مما يؤكد أنه ملف سياسي، وليس ملفًّا جادًّا للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، في السياسة البريطانية كان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) صادمًا ومزلزلًا وتداعياته السلبية على الاقتصاد والعلاقات الدولية مستمرة، بعد أن تجاهل ساسة بريطانيا التحليل الشامل للتأثيرات المحتملة لمثل هذه القرارات، وكيف أنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج ضارة بالجميع، وهناك أيضًا العلاقات الفرنسية الأفريقية التي يبدو أنها وصلت لمرحلة الانفجار، ولابد هنا أن نسأل سؤالًا مهمًّا مفاده مَن يحتل مَن؟ الفرنسيون من أصول أفريقية يشكلون اليوم أكثر من 15 % من سكان فرنسا..!
- في السياسة الإيرانية أيضًا يمكن رؤية الأخطاء القاتلة في تبنّي سياسات غير سلمية، وكيف أدخلتها إلى عزلة دولية لتتحوّل العزلة إلى إرث سياسي كبير من التوترات الدائرة بين إيران والمجتمع الدولي؛ بسبب برنامجها النووي، وتدخُّلها في شؤون جيرانها ودعمها جماعات مسلحة هنا وهناك، أخطاء أدت إلى فرض عقوبات قاسية تسببت في تداعيات سلبية على الاقتصاد الإيراني.. السياسة فن الممكن، لا عداوات دائمة ولا حروب مستمرة، لكن لمعالجة الأخطاء الكارثية في السياسة، يتعيّن على مرتكبيها الاعتراف بالخطأ، وتحمّل المسؤولية وتقديم اعتذار صادق وإجراء تحليل شامل للأخطاء، وتقييم الأسباب، وحصر تداعياتها في قائمتين، الأولى أخطاء يمكن إصلاحها وإيقاف تداعياتها كدعم الجماعات الإرهابية والقرصنة والتدخّل في شؤون الغير عسكريًّا أو سياسيًّا، والثانية أخطاء يمكن تسويتها من خلال التعويضات أو عقد شراكات قوية مسؤولة قائمة على أساس المصالح المشتركة والمصير البشري المشترك، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتبنّي آليات لمراجعة القرارات وتعديلها وتعزيز التواصل والتشاور، وبناء ثقافة تشجّع على الابتكار والتعلم من الأخطاء.