- إن التغلب على عقبات الحياة ليس بالأمر السهل، بل لا بد له من متطلبات لا بد أن يقف عليها الفرد بقدمَين ثابتتَين فعقبات الحياة لا يخلو منها أي إنسان، وما من عقبة تكاد تمر إلا وتأتي بعدها عقبة أخرى من عقبات الدنيا.
والحل الوحيد للتغلب على تلك العقبات هو ما ذكره لنا القرآن الكريم في قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة)،
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) هو التحرر من الشهوات التي تكبّل الإنسان، وتكاد تخنقه وتلف الحبل حول عنقه، فهو لم يقتحمها ويعبر عليها؛ لأنه متبع لشهواته.
- والاقتحام كما عبّر عنه المفسّرون وأهل اللغة هو الدخول في الأمر الشديد، فهو كالمجاهدة للنفس والهوى والشيطان في أعمال البر، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة، فهو لم يحمل على نفسه المشقة، ولم ينفق ماله فيما يجوز به من فك الرقاب وإطعام السغبان، كما عبّرت عنه الآية الحادية عشرة في سورة البلد.
- ومعنى الآية أن الحق -سبحانه وتعالى- يقول لك لو أردت أن تقتحم أي عقبة في حياتك أو موقف صعب على نفسك لا تكاد تطيقه، ففي هذه اللحظة لن تقوم بمرور من العقبة فقط، بل سوف تقتحمها بنص القرآن، ولكن هناك متطلبات حتى تنجح في الاقتحام، وسوف يعينك الله على تجاوزها.
المتطلب الأول هو فك رقبة، وبتطبيق ذلك على واقعنا المعاصر، والذي انتهى به زمن العبيد نجد أن تفريجك كربة أخيك المسلم هو فك رقبة، وأن تقف بجوار أحد في محاولة لحل مشكلته هو فك رقبة أو الإنفاق على عائلتك من حلال، وأن تغنيهم يعتبر فك رقبة.
- والمعنى العام المقصود هو الحض على فعل الخير بدل الشر بمعنى آخر أي عمل صالح تقوم به أو أي عمل من أعمال البر والإحسان يدخل في مفهوم فك رقبة تجعلك قادراً على أن تتجاوز أي مشكلة قد تعترضك أو عقبة مرَّت بحياتك تريد أن تقتحمها وتتغلب عليها.
- أما المتطلب الثاني الذي جاءت به الآية الكريمة في سورة البلد فهو الإطعام، ولكن ليس أي إطعام، بل إطعام في يوم ذي مسغبة.
- قال تعالى: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) أي إطعام في وقت يكون فيه الناس في أشد الحاجة إلى الطعام بأن يكادوا يجدون ما يسد رمقهم.
- فالمسغبة معناها الجوع الشديد كأن تكون هناك مجاعات، ويندر فيها الطعام، فتتصدق بما أفاض الله عليك من نِعَم، ثم بيّنت الآية لمن يكون الإطعام (يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ)، (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) فححدّتها في القريب أو المسكين المحتاج للإطعام.
وخلاصة القول: نستطيع أن نقول إن هذه الآية كفيلة بأن تخرجك من العقبات التي تمر بحياتك، وأن تعيد لها التوازن مجددًا لتستمتع بالحياة والخروج من النفق المظلم إلى النور الذي يُنير طريقك، ويرشدك إلى جادة الصواب.
@Ahmedkuwaiti