- لا شيء أصعب من لحظات الترقب لوصول شيء، أو شخص، أو لانتظار رأي طبيب يقرأ نتائج تحليلك، أو رد مهندس يتأمل صوتًا بسيارتك، أو إعلان أستاذٍ لنتيجة اختبارك، أو إجابة مخطوبة تتمناها، أو وظيفة تحلم بها، أو مناقصة تعلقت آمالك عليها.
- وتلك هي وتيرة الحياة، ما بين ترقّب وارتقاب، وشد واجتذاب، وبُعدٍ واقتراب، ولو كانت على وتر واحدٍ لما أطربك عزفها، ولم تكن للراحة لذة بعد النصب، ولا للصحة انتشاء بعد التعب، ولا للنجاح فرحة بعد الكد والنكد، وما إن تنتهي تلك اللحظات، حتى يتجلى المصير الذي ينتظرك، ليحدث الفرق في حياتك.
- فما بالك إن كنت أنت الطبيب، أو المهندس، أو الأستاذ، أو الموظف المختص، أو أيًّا ما كان مجالك ومكانك، وثمة مَن ينتظر ردك وجوابك وقرارك، أو رأيك.
- فيا تُرى هل ستضع في حسبانك أن رد فعلك قد يرد روحًا، أو يجبر خاطرًا، أو لربما ينهي حياة، ويكسر قلبًا.
- أفلا يستحق ذلك منك أن تضع نفسك موضع مَن ينتظرك؟
- سواء كان مسؤولا عنك، أو مَن هم تحت أمرك، فتحسن بذلك الفحص والتأمل، وتتقن العمل المناط بك على أكمل وجه، فتصدق في البيان، وتعدل في الميزان، وتُنجز بإتقان، وتبذل كل الجهد لتتأكد من حقيقة وعيك، وصحة رأيك، وصواب فعلك - دون أن تلتفت لمَن فازوا زورًا، أو ارتقوا نفاقًا، أو تمكّنوا عبثًا- فلا يكن وهْم المنجزات عندك غالبًا على تحقيق النجاحات، فتكن بذلك قد آذيت وما نفعت، وأجزلت بالحزن وما أفرحت، «فالفرحة الوهمية -غالبًا - يكون ألمها، أعظم من الحزن الحقيقي» كما وصفها ديكارت.
- فحذارِ أن تتأخر عن البُشرى، أو تتعجّل في الفاجعة، واجتهد بالرتق، وأحسن النطق، كما قال علي «رضي الله عنه»: «لا تُسئ اللفظ وإن ضاق عليك الجواب»، واحسب ألف حساب قبل رد الفعل، وكأنك أمام المرآة تخاطب نفسك، فلا يبتئس مَن يلقاك، ولا يكن جوابك للفكاك، ولتكن كما قال سُعيّة بن العَريض:
أُياسِرُ معشري في كل أمرٍ... بأيْسر ما رأيت وما أُريت
وأجتنبُ المقاذِع حيث كانت... وأَترك ما هَويتُ لما خَشيتُ
@nayefcom