- مع سهولة التسوُّق وكثرة طُرقه، وتعدُّد وسائله، وبالذات مع انتشار التجارة الإلكترونية بشكل هائل جدًّا، وما صاحبها من مميّزات وعيوب، ظهرت على السطح أساليب وقنوات مالية للدفع، سأعود قليلًا لسبب انتشار التجارة الإلكترونية؛ حيث إنها لا تتطلب مجهودًا كالتجارة في الواقع، لا محلًّا ولا إيجارًا ولا عمالة ولا تصاريح ولا موقعًا مميزًا تكثر أمامه المارة، ومع هذا الانتشار أصبح التسوق أكثر سهولة، وتجاوز الأمور الرئيسية إلى الثانوية وصولًا للكمالية، ومع كل هذا أصبح الإرهاق المالي عاملًا مهمًّا، فالسلوك المالي للعميل أصبح مرهقًا مع كثرة عمليات الشراء، يحمل أعباءً ثقيلة لا تقل عن ثقل الأعباء الأساسية للمعيشة؛ لأنها تبدو صغيرة، ثم تتراكم شيئًا فشيئًا حتى تثقل أكثر وأكثر.
- من هنا استغل مَن يفكّر خارج الصندوق بطريقة التقسيط، أي ندفع عنك وادفع لاحقًا بشكلٍ شهري على هيئة أقساط مريحة في نظرهم، لا أستطيع لوم مَن يُقدِّم هذه الخدمة، فسوقها كبير وضخم، ولا أستطيع أيضًا أن ألوم مَن يستقل المبلغ، فالتاجر يهمه كل ما يحقق أهدافه، فاللوم يقع على مَن يتوسطهما، وهو العميل، هذا السلوك يجعلك ملتزمًا أمام مَن سدَّد عنك المبلغ على أشياء كمالية في الغالب بعضها على المطاعم ومحلات الحلويات، وليست فقط على أشياء رئيسية كالأثاث أو الأجهزة الكهربائية المهمة أو السيارات.
- السلوك المالي مهم جدًّا جدًّا، وأيضًا جدًّا لأن أثره كبير على ما حللوه سلبًا وإيجابًا، فالتنظيم المالي مهم، وسأضرب مثالًا على عدم وجود التنظيم، وبالتالي تكوين سلوك مالي سلبي، مَن لا يضبط موارده المالية، وطريقة صرفه، فهنا تصبح متطلباته أكثر من دخله، فيلجأ إلى موارد مالية أخرى لتغطية احتياجاته على اختلاف أهميتها، فيلجأ أحيانًا إما لقروض أو بطاقات ائتمانية أو دين من أحد، وهنا تصبح الدائرة المالية أكثر صعوبة، فغالبًا مَن يلجأ إلى هذه الحلول على أشياء كمالية لا يستطيع الوفاء بها كما يجب، فيضيّق على نفسه أو بيته، أو لا يذهب إلى المناسبات خوفًا من أصحاب الدَّين ومواجهتهم، أو إن كانوا زملاء عمل فيؤثر حتى على إنتاجيته لما يحس به من حرج، بل قد تنشأ نزاعات عائلية داخل البيت؛ بسبب عدم تلبية الاحتياجات، وصرف السيولة بطريقة خاطئة، وبالتالي يلجأ إلى مزيدٍ من الحلول، وبالتالي تكون ككرة الثلج تزداد سقوطًا، وتزداد حجمًا.
ضبط السلوك المالي أمر مهم قد يكون مؤثرًا على كل جوانب حياتك، ولا أبالغ في ذلك، فهو يضغط عليك في اتخاذ قرارات لا ترغب فيها حتى تتخلّص من قرارات أخرى، وهكذا حلقة مفرغة لا تنتهي، تزداد تعقيدًا وتنقص حلًّا.
- وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل، بإذن الله، أودّعكم قائلًا (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi