أكد مختصون لـ"اليوم" أن محاولة بعض أولياء الأمور الحصول على إجازات مرضية وهمية لأبنائهم، لتفادي المساءلة القانونية بشأن الغياب عن المدارس دون عذر، بعد إعلان وزارة التعليم إحالة من يتغيب 20 يوما لجهات الاختصاص ومحاسبته وفق نظام حماية الطفل؛ يعد جريمة مركبة تصل عقوبتها إلى السجن والغرامة المالية.
أوضحت الطبيبة د. حوراء الفردان، تزايد مراجعة طلاب المدارس مع أولياء أمورهم للمراكز الصحية بعد قرار وزارة التعليم، وكذلك التشديد على أولياء الأمور من ناحية الغياب من غير عذر طبي، لافتة إلى أن كثير من الحالات لا تستدعي تدخل علاجي والطالب يحتاج لراحة يوم من المدرسة.
الغياب عن المدارس
أكدت "الفردان"، أن الكثير من الحالات، لأسباب شخصية، إذ لم يستطع الطالب الذهاب للمدرسة، ويحضر للمراكز مع اختلاق سبب مرضي لطلب العذر في النهاية.
وأشارت إلى أن بعض الآباء يدخلون العيادة ويخبرونا مباشرة: ابني لم يذهب للمدرسة بسبب صداع خفيف، والأدوية عندنا في البيت. ويقول إن حضوره من أجل الحصول على عذر طبي، كون إدارات المدارس تشدد في حصر غياب الطلاب، داعية إلى عدم اتباع مثل هذه السلوكيات ومزاحمة من يستحقون الرعاية الطبية وزيادة الأعباء على الطواقم الطبية.
عقوبات تزوير أسباب الغياب
قال رئيس منتدى الطب والقانون المحامي ماجد قاروب: "هذه الممارسات تنم عن جهل خطير وكبير جدًا بالقانون، والهروب من خطأ في احترام قانون حماية الطفل من الإيذاء الذي يوجب على الأب القيام بالتزاماته بإعطاء الابن حقه الصحيح والشرعي والقانوني في التعليم، بأن يلجأ إلى استخراج شهادات طبية غير صحيحة من القطاع الطبي، وهنا نكون أمام جريمة مركبة تجاه ولي الأمر، وسيكون تحت لائحة العقاب لمخالفته نظام حماية الطفل كما أشارت وأعلنت وزاره التعليم والنيابة العامة فيما سبق".
وأكمل: "الوقوع في جريمة تزوير للحصول على تقارير طبية غير صحيحة يبرر بها التغيب والإجازات الوهمية غير الحقيقية، وهنا يشارك في الجريمة أيضًا الممارس الصحي أيًا من كان، سواء طبيب أو غيره، والذي يعطي الشهادة دون وجه حق، وهذه تعد جريمة تزوير مكتملة يشارك فيها مصدر التقرير الطبي الذي يعطي الطفل وولي أمره إفادة، وولي الأمر الذي استخدمها لتبرير إجازته".
تابع: "العقوبات في هذه الحالة جنائية مضاعفة فيها سجن وغرامة قد تصل إلى 10 سنوات فيما يخص التزوير، وقد يشوبها الرشوة لأن الحصول على مستند مزور من جهة حكومية بطبيعة الحال لن يكون بلا مقابل، وهذا المقابل قد يكون رشوة وطبعًا للموظف الحكومي هناك استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة، وأمور كبيرة جدًا قد تؤدي إلى منعه من ممارسة العمل في القطاع الصحي بالكامل، لأنه خائن للأمانة الصحية والطبية".
واختتم: "نحذر وننبه أولياء الأمور بعدم اللجوء إلى مثل هذه الأفعال المشبوهة التي لها عقوبات جنائية كبيرة جدًا من السجن والغرامة المالية".
غياب الطلبة
قالت المختصة في علم الجريمة د. مها الجهني: "قرار وزارة التعليم لم يصدر إلا بعد دراسة مستوفاة من وزارة التعليم للحد من الظاهرة، إذ أثبتت إحصائيات الغياب بأن هناك طلبة ينقطعون عن المدارس فترات زمنية متفاوتة وبعيدة ومتعددة، ما أدى إلى وجود فجوة تعليمية كبيرة في شريحة ليست بسيطة من الطلاب، سواء في المرحلة الابتدائية أو في المراحل الأخرى".
وأضافت: "نلاحظ بعد صدور القرار توجه العديد من أولياء الأمور إلى المراكز الطبية للحصول على التقارير الطبية، التي من خلالها يجري احتساب غياب الطلبة بعذر، لذلك لا بد أن يُعزز كل قرار يصدر من وزاره التعليم بالتعاون مع جميع الجهات الرسمية، للحد من غياب الطلبة والمساعدة على ذلك من الشؤون الصحية في كل منطقة، بأن تحد من غياب الطلبة من خلال الفحص السليم من خلال إصدار التقارير الطبية في حدود أيام محددة وليست عديدة في الحد الأقصى وأن تبنى شركات بين كل إدارة تعليم ومديرية الشؤون الصحية في كل منطقة".
وطالبت الإدارات التعليمية ببذل قصارى جهدهم في أن تتوحد جهود الأسرة والمجتمع والمدرسة في ترغيب الطالب على الحضور المدرسي، واستكمال العملية التعليمية، إضافة إلى حث المرشد الطلابي على إيجاد العديد من البرامج التربوية التي تُرغب الطلبة في الحضور إلى المدرسة".
مخالفة الأنظمة والقوانين
قالت القانونية ندى الخاير: "يلجأ بعض أولياء الأمور إلى ممارسة ما يُفضي إلى مخالفة الأنظمة والقوانين الشرعية، والتي تُوجب فرض العقوبات على مرتكبيها، ونرى من يمارس بعض الحيل كطلب إجازات مرضية بغير وجه حق، والتي تسقط بها الحقوق وتفتح للناس أبواب الاحتيال وأنواع المكر والخداع".
تابعت: "حرصت حكومتنا على سن وتشريع القوانين، حماية لحقوق أصحابها، ومن ذلك ما جاء في نصوص نظام حماية حقوق الطفل والذي نصّ في مادته الأولى عن معنى وأوجه الإهمال، ويشمل منها التقصير في التعليم، وبناءً على النص قد يتعرض كل من يرتكب تلك الأفعال التي جرمها القانون إلى رفع دعوى تتولى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية متابعتها، إلى حين الفصل بها قضاءً عبر نظام الإجراءات الجزائية".
التزوير في أوراق رسمية
قال القانوني عبيد السهيمي: في حال عدم صحة التقرير الطبي فإن المسؤولية مشتركة بين المستشفى وولي أمر الطالب، ويعد ذلك من التزوير في الأوراق الرسمية، ومن ثم تكون النيابة الجهة المختصة بنظر الجرم للتحقق من القصد الجنائي، وتوفر أركان الجريمة، وفي حال ثبوت الإدانة تحال للمحكمة بدعوى من النيابة.