- مع دخول الصراع الأهلي في السودان شهره الخامس، لا تزال كثير من الحقائق عائمة، وربما غائمة لدى كثير من المراقبين حول حقيقة ما يحدث على الأرض في العاصمة المثلثة ومدنها الثلاث، وفي إقليم دارفور ومدنه المشتعلة.
الغريب أن حالة الغموض وعدم التيقن بحقيقة تطور الأحداث على الأرض تأتي في الوقت الذي تزخر فيه وسائل الإعلام، وبنفس القدر وسائل التواصل الاجتماعي بالمعلومات المسجلة، والمصورة. ولكن هناك مشكلة لدى المتلقي الذي يريد أن يكون محايدًا، والذي يهمّه معرفة الوضع كما هو على حقيقته بدون تهويل، أو تقليل، وبدون انتماءات عاطفية لهذا الطرف، أو ذاك، ويزيد من غموض الوضع في السودان صعوبة حركة المراسلين والمصورين الصحفيين ومراسلي القنوات الإخبارية العربية، والدولية.
- ويعتقد، وهذا ما تم استنتاجه من بعض الإعلاميين المستقلين السودانيين، بأن كل مراسل ملتزم بذِكر ما يدعم موقف الطرف الذي يبث، أو يزوّد مؤسسته الإعلامية منه. ومن المعضلات الحقيقية التي تحول دون فهم حقيقي لطبيعة الاحتراب الأهلي، هناك خلو معظم الساحات من ممثلي منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، والإقليمية، لسبب بسيط، وهو أن طرفي النزاع عجزا عن الالتزام بحماية هذه المنظمات ومنسوبيها، كما فشل طرفا الصراع في فتح ممرات إنسانية لتسهيل عمل هذه المنظمات، وللتخفيف عن الملايين من المواطنين الذين هم بأمسّ الحاجة للغذاء، والدواء.
- تعقيدات المشهد الصراعي في السودان تزداد حدة مع تعطل كل المحاولات الدولية، والإقليمية لوقف الحرب، وجمع الطرفين على طاولة واحدة للمفاوضات، والمفاهمات. وفيما يتعلق بمواقف طرفي النزاع أي الجيش السوداني، وقوات التدخل السريع، وما يعلنونه تحديدًا فإنه يكون متطابقا ومتناقضا في ذات الوقت. ومثال على ذلك في الأيام الأخيرة من شهر أغسطس الماضي، أصبحت إعلانات الطرفين تدور حول نفس المواقع، والأماكن؛ حيث يعلن الجيش أنه على سبيل المثال في المقر الفلاني كمعسكر أو قيادة عسكرية، وفي ذات الوقت يعلن الدعم السريع أنه للتو حرَّر نفس الموقع، وأنه تحت سيطرة الدعم بشكلٍ كامل.
- يقول مراقبون إن المؤشرات على نهاية قريبة، ومحتملة للصراع الأهلي بين السودانيين ليس أمرا قريب الاحتمال في المنظور القريب، ويستشهدون على ذلك الرأي بتوقف المبادرات الدولية، والإقليمية الساعية لوقف الحرب، علاوة على ضعف الأصوات الوطنية السودانية التي يمكنها إحداث تأثير حقيقي في المواقف المتصلبة لطرفي الصراع. هناك أيضًا جزءٌ غائب عن أنظار المراقبين والمتابعين يتمحور حول عدد الخسائر البشرية التي لم يعُد يهتم أحد بها مع الأسف.