- يوافق يوم (7) من شهر سبتمبر الحالي «اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء». ولعل البعض منا ما زال يذكر تلك القصة التاريخية حين أراد الخليفة المعتضد بالله بناء (بيمارستان جديد) أي مستشفى، فأوكل المهمة إلى الشخص المناسب وهو الطبيب المعروف أبو بكر الرازي، فقام الرازي بتعليق قطعة لحم طازجة في عدة مناطق مختلفة من بغداد، ثم بعد فترة من الوقت اختار المكان الذي كان فيه اللحم أقل تعفنا ليكون الموقع الأنسب للمستشفى. وهذا يعتبر اختبارا علميا في زمنهم، ويدل على أهمية المناخ والهواء لصحة الإنسان.
- والكثير من الناس قد سمع عن التلوث المناخي الذي حدث للأرض، وما يصاحبه من تأثيرات مختلفة مثل: ارتفاع درجات الحرارة، والفيضانات المتكررة، وثقب الأوزن، والاحتباس الحراري. وقد كانت البداية لهذه المعضلة إبان النهضة الصناعية في القرن التاسع عشر، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك اهتمام بكمية الانبعاثات الغازية من المصانع أو المكائن والبواخر والقطارات، ثم الطيارات وغيرها من الآلات التي تنتج ثاني أكسيد الكربون والغازات الضارة للهواء. ثم زادت المشكلة تفاقما مع القرن العشرين حيث زاد التلوث المناخي حيث تم استخدام الآلاف من الطائرات والمصانع والملايين من السيارات وغيرها من المصادر المسببة لتلوث الهواء والبيئة. وبدأت صيحات العلماء منذ منتصف القرن الماضي للحد من أضرار التلوث، والبحث عن بدائل أفضل وصديقة للبيئة، كالطاقة الشمسية أو الرياح أو أمواج البحار وغيرها من المصادر للمحافظة على التوازن البيئي والمحافظة على الموارد الطبيعية.
- ويأتي الشعار لهذا اليوم العالمي لسنة (2023م): «لنعمل معا من أجل نقاوة الهواء». وتضيف هيئة الأمم في هذا الشأن فتقول: «ويمثل تلوث الهواء الخطر البيئي الأكبر على الصحة البشرية وأحد أهم الأسباب التي يمكن تجنبها للوفيات والأمراض على الصعيد العالمي، حيث يعزى ما يُقدر بستة ملايين ونصف مليون حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم إلى تلوث الهواء داخل المباني وخارجها». فالمسألة إذا ليست ثانوية، بل هو رئيسية، ولها أثر بالغ على صحة البشر، وكذلك يترتب عليها آثار اقتصادية وبيئية.
- ومما لا شك فيه أن القوانين الدولية والإقليمية والمحلية، وكذلك العمل بالمواصفات والمقاييس على المعدات والآلات والمكائن والأجهزة المتنوعة كلها تصب في خانة رفع الجودة والكفاءة في الأداء مع تقليل الانبعاثات الغازية. بالإضافة إلى الترشيد في استهلاك الطاقة والمحافظة على المياه من الهدر، وتدوير النفايات بكافة أنواعها ستساهم بشكل كبير في المحافظة على الهواء والبيئة والصحة بشكل عام.
- أضف إلى ذلك أن دور الفرد لا يقل أهمية عن دور الدول في سن القوانين والأنظمة حيث إن الفرد له دور فعال ومهم في المساعدة على المحافظة على نقاوة الهواء. وتعد التوعية مع العمل والتطبيق هو من أفضل الحلول لحماية الأجواء والهواء من التلوث، وهو مسؤولية الأفراد والدول جميعا، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال.
- وقد قدمت المملكة العربية السعودية عدة مبادرات من أجل حماية البيئة وتحقيق أهداف المناخ العالمية، كمبادرة: «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» والتي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة المسطحات الخضراء، وحماية المناطق البرية والبحرية.
- المحافظة على البيئة وبشكل خاص الحماية من تلوث الهواء لا يتأتى إلا بالعمل الجماعي الدولي، ومساهمة الأفراد بالوعي والعمل على استخدام أفضل الوسائل والمعدات والأجهزة ذات الكفاء العالية، وكذلك البحث عن بدائل صديقة للبيئة والترشيد في استهلاك الطاقة والمياه.
@abdullaghannam