- ربما طبيعتي الشخصية، والمسار الوظيفي الذي صبغ كثيرا من سلوكياتي الشخصية بعيد عن حب الصراع، وبعيد عن منطق القوة، والحرب، ولكن الأحداث التي تجري على الساحتين الدولية والعربية تجبرني أحيانا على الكتابة عن الحرب، والصراع، والعنف. وأقول كل ذلك بعد المواقف الأخيرة لقائد قوات الجيش السوداني السيد عبد الفتاح البرهان الذي أرسل بسلوكه الحركي رسائل توحي بأن هناك تغيرا في جدلية الصراع السوداني، تابعنا كل ذلك في المشاهد التي صورت الرجل وهو يطوف البلاد السودانية حيث غادر العاصمة إلى مناطق أكثر هدوءا، وأعطى انطباعا بأن هناك نقلة نوعية في الذي يحدث هناك باتجاه تخفيض التصعيد، وتفكيك مسارات الحرب، وزاد هذا التصور عندي، وعند كثيرين غيري عندما عرضت الشاشات صورة الرجل وهو يرتدي البدلة المدنية، وربطة العنق، ويلتقي القيادة المصرية في مدينة العلمين. ولكن عودة الرجل إلى السودان من جديد بددت كثيرا من التوقعات عند غير مراقب، عندما أطلق تصريحات مثل تأكيده بأن ليس هناك مجال لحل ثنائي في السودان، ربما كان هذا التصريح، وبشكله الذي وصل إلى الناس ردا على مقترح استمع إليه الرجل هنا، أو هناك. المهم أن الأمور عادت أو كادت أن تعود للمربع الأول الذي يفسح المجال للصراع، ولا شيء غيره. تصريحات السيد البرهان التي تعاقبت في زياراته الأخيرة لجنوب السودان ثم لدولة قطر عززها تصريح قبل هذه الزيارات من قيادة الدعم السريع أكد فيها السيد دقلو أنه ورجاله سيحاربون حتى آخر رجل فيهم في سبيل ما سماه حرية السودان، وتخليصه من الخونة على حد قوله.
- آخر القرارات التي أصدرها السيد البرهان كانت قرار حل قوات الدعم السريع لأنها ببساطة تسببت في أذى كبير للسودانيين، ومن المتوقع ألا تستجيب قوات الدعم السريع لهذا القرار، لأنها أعلنت بشكل واضح أن البرهان، ومن يقودهم، وكل ما يصدر عنهم غير شرعي، وغير قانوني، علاوة على أنه يمكن أن يفهم بأن الأطراف التي التقاها البرهان في زياراته ذكرته بأن الدعم السريع منشأ بقرارات رسمية، وأنه حارب في سنوات خلت من أجل الحفاظ على الدولة، والنظام السوداني. يقال إن هناك زيارات لقيادة الجيش السوداني لدول إقليمية، ويقال أيضا إن الرجل سيتوجه لمنبر الأمم المتحدة، وفي الغالب بأنه سيحاول إقناع العالم بفكرة الدعوة لإدانة المتمرد حسب رأيه.
- من المؤسف أن المؤشرات العامة تقول إن الصراع لا يزال في بدايته، وإنه ليس هناك فهم حقيقي لإنهاء الاقتتال الذي شرد الناس وحرمهم الأمن، والاستقرار.