كل إناء بما فيه ينضح..
مشكلتي..
بل مشكلتهم..
أنني أقابل الإساءة..
بالعفو والصفح..
هكذا ربتني أمي..
فبقيت طوال حياتي..
صابراً محتسباً..
طامعاً..
في بلوغ مرتبة الإحسان..
التي هي ثمرة الإخلاص..
ترفعني إليها إرادة..
ترفض العجز..
وتنشد الجمال..
وهل يكون الجمال..
إلا برضا الرحمن؟!..
ومراقبته في السر والعلن..
باستحضار مشاهدته..
وقربه منا..
واطلاعه علينا..
فنمتنع عن الالتفات..
إلى سواه..
فيا أيها التعساء..
اذهبوا فأنتم الطلقاء..
فوالله لن يزيدني عقابكم فضلاً..
وسأظل أحمل في قلبي صفحا..
فالحقد ليس بضاعتي..
لم أحملها قط..
ولا دخلت خزائني..
زهدت فيها ترفعاً..
وعفت مكاسبها..
فهمت الحياة..
فهربت من كل..
ما يعكر صفوها..
علي أجد شرفة..
تطل على وجهها الأخضر الجميل!
قال عنترة بن شداد:
لا يحملُ الحقدَ مَنْ تعلو به الرُّتب
ولا ينال العُلا مَنْ طبعُه الغضب
وأقول مجارياً:
لا يدرك الفضل من يلهو به الغضب
ولا يعيش سلاماً من به نصب
ولم يكن شيخ قوم لا يودعهم
إذا أساؤا وينصرهم إذا نكبوا
قد كنت فيما مضى أحمي حياضهم
واليوم لا زلت في ميدانهم أرب
لله ما أروع التأديب في صغري
في حضن أمي سقيت العلم والأدب
لا لن ينالوا بقول فيه منقصة
فقد خلقت لقوم دينهم نسب
شر البرية من يدنو بكذبته
نحو الضلال بقلب غره العصب
إن الحياة وإن أغرت مفاتنها
عند الرحيل جمال الروح تنتهب