كان من المفترض أن يصبح الاقتصاد الصيني محركاً للاقتصاد العالمي في عام 2023 وكان من المتوقع أن تتحمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم، في الوقت نفسه كان من المفترض أن تتمتع الصين بدفعة كبيرة بعد إنهاء سياسات القضاء على فيروس كورونا كما كان من المتوقع أن يدفع ذلك العملة الصينية نحو الارتفاع بعد أن ضعفت بشكل، لكن الواقع مختلف، فالغرب لا يعاني من الركود في حين أن الاقتصاد الصيني نما أقل بكثير من المتوقع مما جعل من الصعب عليه أن ينمو وفقع المأمول بل كان هدف نموه مخيب للآمال إلى حد ما بنسبة 5٪ لعام 2023، وفق ما ذكرت مجلة "بارونز" العالمية.
أسباب انخفاض اليوان
لانخفاض قيمة اليوان دوافع عدة، حيث يعد النمو دون التوقعات أحد الأسباب أما السبب الآخر فهو أنه في عام 2023 قام بنك الشعب الصيني بتخفيض أسعار الفائدة بينما واصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفعها. وقبل الجائحة كان سعر الفائدة في الصين أعلى بنحو 200 نقطة أساس من نظيره في الولايات المتحدة ولكن الآن انقلب الأمر مع فارق بأكثر من 160 نقطة أساس لصالح الولايات المتحدة.
أداء العملة الصينية
على هذه الخلفية، يمكن القول إن اليوان أو الرنمينبي، يمر بأوقات صعبة حيث انخفضت قيمة العملة بأكثر من 8% مقابل الدولار منذ ذروتها في يناير بعد النشوة الناجمة عن إعادة فتح الاقتصاد. وتزايدت المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني هذا العام، بدءاً من أزمة قطاع العقارات إلى الصحة المالية للحكومات المحلية. كما عززت الولايات المتحدة جهودها في مجال الاحتواء التكنولوجي وعملت مع هولندا واليابان لحظر الرقائق، ما جعل هذه الجهود تؤثر مؤقتا على قدرة الصين على الارتقاء في سلم التكنولوجيا.
الطلب الخارجي
كان الطلب الخارجي هو المحرك الرئيسي للنمو في الصين منذ بدء كوفيد-19 في عام 2020 لكنه بدأ يتضاءل منذ بداية الصيف وانخفضت الصادرات الصينية لمدة ثلاثة أشهر على التوالي بنسبة تصل إلى 14.5% في يوليو.
دعم اليوان
يتناقض هذا الأداء الكئيب مع المكاسب التي تحققت بفضل القدرة التنافسية التي راكمتها الصين منذ بداية العام بسبب انخفاض قيمة العملة وانكماش أسعار الصادرات والتي انخفضت بنسبة تراكمية بلغت 3.5% منذ بداية عام 2023. ولولا دعم اليوان وانخفاض أسعار الصادرات، ربما كانت الصين قد استنفدت فائضها التجاري الكبير
خروج المستثمرين من الصين
وكانت النتيجة تدفقات ضخمة من رؤوس الأموال ذات الدخل الثابت إلى الخارج من الصين. كمت أبدى المستثمرون الأجانب في الأسهم الصينية صبراً أكبر حيث كانوا يتوقعون حافزاً مالياً بعد الدعم الذي أعلن عنه صناع السياسة الصينيين في يوليو. ولكن بحلول نهاية أغسطس ومع عدم وجود أي علامة على مثل هذا التحفيز بدأ مستثمرو الأسهم في حزم أمتعتهم والمغادرة وقد أدى ذلك إلى مزيد من الانخفاض في قيمة اليوان. ولايزال هروب رؤوس الأموال بشكل مباشر إلى الخارج آخذ في الارتفاع أيضاً ولم يسفر الفائض التجاري الضخم لدى الصين بعد عن أي زيادة في احتياطيات الصين من النقد الأجنبي.
توقعات سعر اليوان
على الجانب السلبي، من غير المتوقع أن يقوم الاقتصاد الصيني بتحسين أدائه في أي وقت قريب. وسيضطر بنك الشعب الصيني إلى الاستمرار في دعم الاقتصاد من خلال خفض أسعار الفائدة خاصة وأن القيادة الصينية لا تبدو مستعدة لتقديم حوافز مالية كبيرة. وعلى الجانب الإيجابي، ينبغي أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي قريباً من ذروة التشديد برفع أسعار الفائدة مرة أخرى وقد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في العام المقبل.
فائدة الصين وأمريكا
وفي عموم الأمر، من المرجح أن يظل الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والصين ثابتاً. ويبدو أن بنك الشعب الصيني مرتاح للمستوى الحالي الضعيف إلى حد ما لليوان لكنه ليس حريصًا على رؤية المزيد من الانخفاض في قيمة اليوان.