اكتست ملامح وجهها الجميل علامات الضيق والحزن سألتها ما بكِ
فأجابتني : طالبات التربية الخاصة في إحدى مدارسي يُردن المشاركة في حفل اليوم الوطني ولكن لجنة الاحتفال المشتركة بين مدارس البنين والبنات قد انتهت من إعداد فقراتها والمدارس المشاركة و.... قطعت حديثها بسرعة ونهضت من مكتبها وخرجت وما هي إلا بضع دقائق حتى دخلت متهللة الأسارير تنطق ملامحها الدقيقة عن فرحة غامرة، فقلت لها ممازحه : خير ما لذي قَلَبَ حالكِ؟
فأجابت لقد أخبرت رئيسة القسم بالموضوع فوافقتْ بمشاركتهن بحفل الأقسام النسائية بالإدارة
سكتُ وقد غمر قلبي شيئا من الإكبار لرئيسة القسم ولزميلتي فعلهما ذاك.
ثم مضيت لزيارة لتلك المدرسة, وطلبت مقابلة تلكم الطالبات وكُنا طالبات المرحلة الثانوية من طالبات العوق السمعي ولأن عندي قليل من الخبرة في لغة الإشارة
سألتهن عن سبب حرصهن على المشاركة فأجابتني أولاهن وقد غشى وجهها الجميل شيئا لا يمكنني وصفه هل أقول الثقة لا بل العزة لا , لا بل لأقُل شيئا من الحب.
وقالت يا أستاذتي أين أنا الآن؟ في مدرسة, من مدارس التعليم العام و أتلقى تعليمي دون أن اشعر أني اقل من احد . و أنا صماء لا اسمع.
هل يمكنني أن أوضح لكِ هذا الشعور ثم سكتت برهة وكأن هذا السكون عمهن جميعا فأحسست بصمتهن ذاك يسري إلى قلبي لتكمل زميلتها الأخرى
وليس هذا وحسب بل أنّا نتعلم ونشارك في جميع البرامج والمسابقات ونحصل على جوائز محلية وعالمية وتُهيئ لنا كل الإمكانيات لننجح ونتميز.
يكفينا هذا الشعور فقط فخراً أنّا سعوديات، لتقول ثالثتهن أ بعد هذا تسألينا لماذا نحرص على المشاركة؟!
هذا الوطن كما تشعرين أنتِ يا أستاذتي بفخرك واعتزازك به فنحن نشعر بضِعف ذلك.. اغرورقتْ عيناي بالدموع وما هذه الدموع إلا دموع الحب في عين المحب, إذا ذُكر عندهُ محبوبه.
ولكني سرعان ما سألتهن سؤال أردتُ من خلاله أن اعرف مدى ذلك الحب وتغلُلهَ في أنفسهن فقلت أنتن
لا تستطعن الكلام فكيف سيصل للحضور معنى تلك المشاركة؟
فَأَخْرَجَتْ رَابِعَتُهُنَّ صورة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "حفظه الله" من جيبها، و وقفت وقفة القائد الفذ لينتظم جندهُ، وبالفعل ما إن أَخْرَجَتْ تلك الصورة حتى رَفَعَتْهَا عَالِيًا وَإِذَا بِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تُخرِجْ اَلْعَلَم وترفعهُ ويبدأنا بالإلقاء وإذا بشعورهن ووطنيتهن تسري في جسدي فأقف وقفة الحب والاعتزاز وأنا أردد معهن كلمات ذلك النشيد الحبيب وأقول:
وطني الحبيب
روحي وما ملكت يداي فداهُ
وطني الحبيب وهل أحب سواهُ ..
وطني الذي قد عشت تحت سمائهِ
وهو الذي قد عشت فوق ثراهُ
منذ الطفولة قد عشقت ربوعه
إني أحب سهوله ورباهُ
وطني الحبيب .. وطني الحبيب .. وهل أحب سواهُ ؟
كلمات: عبدالرزاق مصطفي بليله
ألحان: طلال مداح (رحمهما الله)