قال تقرير اقتصادي إن السعودية تستقطب اهتمام المستثمرين مما يجعلها أكثر أسواق الاندماج والاستحواذ رواجا في منطقة الشرق الأوسط، إذ يركز بعض المستثمرين على قطاعات محددة في المملكة، ويعتبرونها منصة إقليمية يمكنهم فيها شراء الأعمال وتوسيعها إلى باقي أنحاء المنطقة.
وأظهر التقرير زيادة مذهلة بنسبة 112% في الاهتمام بالصفقات الواردة، قياساً بنتائج سابقة في عام 2019، ما يعكس قوة السعوديةوجاذبيتها العالمية بوصفها وجهة أساسية لأنشطة الأعمال على مستوى المنطقة، مشيرا إلى أن على الرغم من الاهتمام الملحوظ إلى أنه توجد العديد من الصعوبات أمام أنشطة جمع رأس المال.
خطة إنفاق
لفت إلى أن السعودية تشهد ظهور العديد من محاور القطاعات الأساسية المتمحورة حول شراكات الاستثمار السيادية ورؤية 2030، مما يعكس الأهداف الطموحة والأثر واسع النطاق لهذه المبادرات، مشيرا إلى أن خدمات البنية التحتية في السعودية نقطة الارتكاز في هذا الشأن، لا سيما مع إعداد خطة إنفاق بقيمة 900 مليار دولار لتسهيل تطوير المدن الكبرى بالاستفادة من التطورات المحرزة في مجالات الاستدامة والتكنولوجيا والأتمتة.
وأفاد بأن التركيز يتزايد على التحول الرقمي، وتحقيق التكامل بين مراكز البيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، بما يتيح تطوير بنية تحتية متقدمة وتوفير خدمات ذكية، لافتا إلى أن قطاعي الرعاية الصحية والتعليم تحظى باهتمامٍ كبير، لا سيما في ضوء أهداف النمو السكاني، والمساعي المستمرة لتطوير أنظمة الرعاية الصحية وبنيتها التحتية، واستقطاب الخبرات، والتميز التشغيلي، وتعزيز الشراكات الدولية.
وبحسب التقرير وتزدهر في الوقت نفسه القطاعات الاستهلاكية، مدفوعةً بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة، مع تركيز ملحوظ على جوانب الترفيه والرياضة والألعاب الإلكترونية والمأكولات والمشروبات والتجارة.
وتوقع التقرير أن يشهد سوق الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط أداء لافتا فيما يتعلق بعدد الصفقات المبرمة بحلول نهاية العام الحالي، لا سيما في ضوء المرونة العالية لبيئة الاندماج والاستحواذ العابرة للحدود في المنطقة، والمترافقة مع زيادة النشاط في القطاعات التقليدية بما فيها خدمات البنية التحتية، والتحول الرقمي، والرعاية الصحية، والتعليم.
زيادة في الصفقات
قال التقرير: إن الأسواق تشهد زيادة كبيرة في الاهتمام بالصفقات الواردة، إذ يسعى نحو 40 % من المستثمرين للاستفادة من الصفقات الواردة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الـ18 شهرا المقبلة، في حين يتطلع 19% منهم إلى الصفقات الصادرة منهم.
وأضاف التقرير أن زيادة الاهتمام تعكس جاذبية السوق الإقليمية الآخذة بالازدهار، فيما يبرم نحو 70% من المستثمرين الصفقات العابرة للحدود ضمن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مما يعكس مرونة المنطقة وقوتها في مواجهة التباطؤ العالمي.
وقال التقرير إن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تشهد بروز نمط مميز من الصفقات في الحجم والتمويل، لا سيما بتركيزها الكبير على السوق المتوسطة، وتفضيلها المستمر للأسهم، إذ تتركز معظم تلك الصفقات في الشريحة الدنيا من السوق المتوسط، فيما لا تتجاوز قيمتها حاجز الـ 250 مليون دولار، مما يعكس وجود منهجية موجهة للاستثمار ضمن هذا النطاق.
الأسهم أفضل وسيلة للتمويل
وأضاف أن الأسهم تبقى الخيار الأكثر رواجها إذ اختارها 76% من المستثمرين بوصفها أفضل وسيلة لتمويل صفقات الاستحواذ، مصحوبة بجزء كبير من ترتيبات السداد المؤجل أو تقاسم الأرباح.
وذكر التقرير أن خيار القروض يبرز ضمن أبرز الأدوات المالية المعتمدة، إذ يتوجه 44% من المستثمرين لاستخدامه كمصدر بارز لتمويل الصفقات، فيما لا تزال الصفقات الأكبر حجما تقع ضمن اختصاص صناديق الثروة السيادية والمؤسسات شبه الحكومية، التي تحظى بفرصة أكبر للحصول على القروض.
وأفاد بأن بيئة الاندماج والاستحواذ تشهد زيادة في الاعتماد على حلول التمويل الهجينة والمنظّمة، لا سيما مع تحسن مستويات التنافسية والمرونة في صناديق الائتمان الخاصة، خصوصاً بالنظر إلى ارتفاع تكلفة الحصول على الديون الكبيرة.
ونوه التقرير بازدياد حجم الصفقات في منطقة الخليج بشكل ملحوظ قياساً بنتائج سابقة إذ كانت قيمتها لا تتجاوز 100 مليون دولار وأصبحت تُقارب اليوم حاجز الـ 250 مليون دولار، فيما ازداد اعتماد السوق على القروض، مدفوعة بشكل رئيسي بدخول صناديق الثروة السيادية والمؤسسات شبه الحكومية. ومع ذلك، ما يزال النوع من التمويل متوفراً بشكل محدود أمام الصفقات الخاصة.
التحديات والتأخيرات أمام إغلاق الصفقات
ولفت التقرير إن التحديات في إغلاق صفقات الاندماج والاستحواذ في الشرق الأوسط تظهر في مواءمة التقييمات بين الأطراف المعنية بالصفقات العابرة للحدود على وجه التحديد، لا سيما بسبب اختلاف تصوراتها بشأن المخاطر الموجودة داخل المنطقة قياساً بالمخاطر الواردة من خارجها. ويُعزى هذا التباين عادة إلى تنوع البيئات الاقتصادية وديناميات السوق بين منطقةٍ وأخرى.
وأضاف أن من ضمن التحديات: الحصول على الموافقات الداخلية وموافقات الأطراف المعنية، ما يؤدي إلى حالات التأخير والتقلبات. وتُعد هذه الحالات أمراً اعتيادياً في السوق، وقد يؤدي إلى ظهور مخاطر عديدة خلال أبرز مراحل إتمام الصفقات.
وأشار إلى أن من ضمن التحديات: توقيت الصفقات والتأخير في إغلاقها: إذ تتراوح فترات إبرام الصفقات في المنطقة عادةً بين 12-18 شهراً، قياساً بفترة 6-9 أشهر فقط في المملكة المتحدة / أوروبا، ما يُعزى إلى تعقيد البيئة التنظيمية والإجراءات اللازمة للحصول على الموافقات.
وذكر بأن من ضمن التحديات محدودية أهداف الاستحواذ: إذ توجد قيود على حجم ونطاق الأهداف الإقليمية، التي تشكل أحياناً منصة رئيسية للوصول إلى المنطقة. وتتأثر هذه القيود بخصائص سوق المنطقة ومشهد الأعمال فيها، ما يسفر عن محدودية الأهداف المتاحة للاستحواذ، لا سيما تلك التي تتمتع بالنطاق والإمكانات الضرورية للتوسع على مستوى المنطقة.
وقال التقرير الصادر عن «لومينا كابيتال أدفايزرز»: إن العلاقة الرمزية التي تجمع دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة بمثابة حجر الأساس لازدهار أنشطة الأعمال العابرة للحدود. ونشهد اليوم نتائج ملموسة ومستويات قياسية من النشاط في السوق، لا سيما مع وفاء الطرفين بالالتزامات الثنائية الرسمية من خلال المعاملات في مجال عمليات الاندماج والاستحواذ والمشاريع المشتركة.