ليس هذا اليوم للمعلم فقط، بل كل الاعوام وكل الشهور للمعلم، فلولا المعلم لبقينا في ظلمات
الجهل نتخبط، ولما سطرت أحرفي هذه السطور، لتجد الضياء والنور، بما غرسه المعلمون بنا.
كل يوم هو للمعلم.. لأن كل يوم يقضيه المعلم
بين طلابه لنشر رسالة العلم لبناء العقول هو يوم يحتفى به، لذا كل يوم يستحق الشكر والتقدير لما يبذله من جهود وعطاء،
فإنّ وقته الذي يسخره لغرس القيّم وصقل القدرات الذهنية هو وقت سيرسخه التاريخ ويضع له بصمة خالده في العقول، أما من يقدم هذا العلم بحب وعطاءًا نابعًا من قلب فإنه يضع له أثراً طيباً في القلوب، وسيخلد ذكراه بالطلاب مدى الحياة..
يقول الشاعر احمد شوقي:
قف للمعلم ووفه التبجيلا..
كاد المعلم ان يكون رسولًا..
أعلمت أشرف أو أجلَّ من الذي..
يبني وينشئُ أنفساً وعقولا..
اتعلم لماذا شُبه المعلم بالرسول؟ لأنه يحمل رسالة عظيمة، ينير بها الانسان، ويصنع الامجاد،
فالمعلم بدوره يُعلم ويربي ويزرع القيّم الأخلاقية، والدروس القيّمة، والمعتقدات الراسخة للأبد،
لأنها ستظل بذهن الانسان، وسيورثه للاجيال القادمة بعده، لذلك كانت رسالته سامية وعظيمة لأنها تغيّر الأُمه، وتصنع العالم، فهو مسؤول أمام ما يقدمه؛
لذلك تعتبر مهنة التدريس من أنبل المهن التي يؤديها المعلم،
فالمعلم خلال اليوم يدرس مئات الطلاب، ومختلف الاعمار، فهوَ مؤثر قوي تستند عليه المدرسة،
وربما تكون كلمة واحدة منه تغيّر مصير الطلاب وتجعل حياتهم أفضل، وتجعلهم اشخاص ناجحون بالمستقبل.
للإدارات العليا بالتعليم:
رفقاً بالمعلم لا تثقلوا عليه المهام والمسؤوليات، وتحملوه فوق طاقته، ففي النهاية هو انسان لديه طاقة محدودة، ليس آلة تعمل دون ملل وتعب،
لا تفرضون عليه أداء المهمات دون النظر لاحتياجاته النفسية أولاً، لأن كثرة الضغوطات تسبب الاحتراق النفسي والوظيفي، فتقل الإنتاجية والرضا لديه؛ لذا ينبغي أن يكون للمعلم مساحته الخاصة للتعافي من ضغوطاته، حتى نرتقي بمعلمينا ونأخذ بهم للقمم، لأن هم من يصنعون الاجيال بأيديهم، فمن المهم أن نهتم بسعادة المعلم، لأن المعلم السعيد سيُسعد طلابه ومن حوله، ليصبح عطاءه نابعاً من الداخل، فإذا كان المعلم سعيدًا وراضيًا ستنتقل سعادته لطلابه لتؤثر بهم إيجاباً وترغبهم بالمادة العلمية، فقد أثبتت الدراسات أن لمكان العمل تأثير في حياة الموظفين، إذ يمكن للفرد أن يجلب السعادة من مكان عمله إلى مسكنه، والعكس صحيح؛ لذلك الشعور بالرضا والرفاهية الإيجابية تأثير كبير لجعل العمل مرضيًا وممتعاً أيضًا، فقد يضاعف هذا من الإنتاجية، ويرفع مؤشرات الأداء. لذا آمل نشر ثقافة السعادة في المدارس وبيئات العمل، لما لها من تأثير إيجابي لرفع معنويات المعلمين خاصة، والموظفين عامة.
لأولياء الامور:
رفقاً بالمعلم أنتم لا تعلمون مايواجهه المعلم من ضغوطات نفسية وجسدية، وأذى نفسي من
الطلاب او من زملاء العمل، لا تعلمون ما يعانيه بالخفاء،
لأنكم لا ترون سوى قشرة صلبة من الخارج، وتحكمون بناءًا عليها، فالمعلم يواجه انماطاً متعددة من شخصيات الطلاب، وفئات عمرية مختلفة، ومضطراً للتعامل مع كل واحداً منهم،
مراعياً لمن لديه صعوبات تعلم، أو ظروف خاصه،
كذلك مضطراً لتطبيق كل ما يُطلب منه في التدريس، فالمسؤوليات التي على كاهليه تفوق الوصف؛ بالإضافة إلى انزعاجهم بسبب اللامبالاة من بعض الطلاب،
ومشاكلهم التي لا تنتهي، ناهيك عن الاعداد الهائلة من الطلاب التي تضخ بها مدارسنا اليوم، كل هذه تسبب له الضغوطات والتشتت الذهني، فيأتي ولي الأمر غاضباً ساخطاً، ولا يعلم المعاناة
التي يعانيها المعلم بالخفاء؛ لذا رفقاً بالمعلمين لديهم ما يكفيهم بحياتهم المهنية والشخصية، لا تنسى أنهم بشر وطبيعي أن يقع منهم الخطأ،
فلا تعاملوهم بقسوة وعنف، وكأنهم منزهين عن الأخطاء. رفقاً ففي الرفق حياة للقلوب، فقد جاء بالحديث النبوي الشريف: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه"،
والله سبحانه رفيق، يحب من عباده الرفق.
للمعلم القائد:
إلى من يسعى جاهداً لتوصيل رسالته السامية، اعلم أننا نحتاج إليك، لأنك قائدنا وملهمنا في كل مكان وزمان، ووجودك مهمًا بالحياة، لذا كُن قوياً تماسك ولا تنهزم،
فهناك من يستقي الامل من تماسكك، كُن صامدًا فالحياة بها من العقبات والمحطات القاسية
مالا تطيق؛ نعم قد تتألم قليلاً، وتتعرض للإساءة والكلام المؤذي ممن حولك،
فاجعل الصبر والصمود وقودك للاستمرار برسالتك العظيمة؛ فكلما تعرضت
للمضايقات في بيئة العمل، تذكر شيئًا واحدًا؟ أنك موجود هُنا لأداء رسالة عظيمة، فاجعل تركيزك عليها، وتجاوز كل ما يشتتك عن رسالتك.
لا تبالي.. ولا تجعل من بعض المواقف تضعفك وتحبطك،
بل اجعلها ترفعك وتزيدك قوة، فالتحديات والصعوبات هي من صنعت الشخصيات العظيمة بالتاريخ.
لا تبالي.. بما يعكر صفو مزاجك، تذكر أن خلافاتك ومشاكلك مؤقته وستنجلي، فدع همتك عالية، وطموحك يحلق عنان السماء، وامضي قدماً للأمام، ودائماً استمد قوتك من الله، لتجد العون والثبات، فالمؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف.
دمت عظيماً شامخاً أيها المعلم.. وكل عام وانت مزدهرًا ووجودك يضيء هذا العالم.