أصبحت المعارك بين المشرعين في واشنطن شرسة بشكل متزايد للدرجة التي أقدم فيها الجمهوريون على عزل رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي من منصبه في سابقة هي الأولى في التاريخ الأمريكي الأمر الذي قد يؤدي إلى خفض آخر للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة وبالتالي إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الأمريكي، وفق ما ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية.
تخلف أمريكا عن سداد ديونها
خلال فصل الصيف، كاد الخلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري أن يؤدي إلى تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها للمرة الأولى منذ تأسيس الدولة قبل ما يقرب من 250 عاما.
وقبل أيام تجنبت الحكومة الأمريكية بصعوبة الإغلاق بفضل الاتفاق الذي أبرمه النائب الجمهوري ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي مع الديمقراطيين.
لكن التحرك للحفاظ على تمويل الحكومة حتى منتصف نوفمبر دفع الجمهوريين المتشددين بقيادة النائب عن فلوريدا مات جايتز إلى بذل جهد للإطاحة بمكارثي من منصب رئيس مجلس النواب وهو الأمر الذي نجح فيه مع آخرين.
لن يمر الأمر دون عواقب
علقت شبكة سي إن إن، في تحليل لها بقولها أن الأمر لا يتوقع معه أن يمر دون عواقب وأن ترصده وكالة موديز لخدمات المستثمرين، وهي الأخيرة من بين ثلاث وكالات تصنيف ائتماني رئيسية تمنح ديون الولايات المتحدة أعلى تصنيف ممكن وهو AAA.
وكالات التصنيف الائتماني
كانت المرة الأولى التي تم فيها تخفيض تصنيف ديون الولايات المتحدة من قبل وكالة تصنيف ائتماني كبرى أخرى غير موديز هي وكالة ستاندرد آند بورز في عام 2011.
وعلى الرغم من أن المشرعين تمكنوا من التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لتجنب التخلف عن سداد الديون، شعرت وكالة ستاندرد آند بورز أن الأمر ليس هينًا ودعاها ذلك للتشكيك في مصداقية الحكومة فيما يتعلق بدفع فواتيرها في الوقت المحدد.
كما كان لتحرك وكالة ستاندرد آند بورز تأثيرات هائلة على السوق الأمريكي، مما أدى إلى انخفاضات حادة في سوق الأسهم وارتفاع عائدات السندات. وتوصلت وكالة فيتش إلى نفس النتيجة في أغسطس، حيث خفضت تصنيف ديون الولايات المتحدة من AAA إلى AA+. وأثارت هذه الخطوة عمليات بيع في سوق الأسهم ودفعت عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى ما كان آنذاك أعلى مستوى له منذ نوفمبر. لكن لم يمض وقت طويل قبل أن تسترد الأسواق تلك الخسائر. ومنذ ذلك الحين، اتجهت كل الأنظار نحو وكالة موديز، التي حافظت على تصنيف AAA لديون الولايات المتحدة منذ عام 1917.
تصويت يوم الثلاثاء
وفي الأسبوع الماضي، حذرت وكالة موديز من أن إغلاق الحكومة قد يدفعها إلى خفض تصنيف الديون الأمريكية. على الرغم من أن مدفوعات خدمة الدين الحكومية لن تتأثر ومن غير المرجح أن يؤدي الإغلاق قصير الأجل حال حدوثه إلى تعطيل الاقتصاد، إلا أن ذلك يسلط الضوء على ضعف القوة المؤسسية والحوكمة الأمريكية.
استقطاب سياسي
وقالت موديز: "يظهر ذلك القيود الكبيرة التي يفرضها الاستقطاب السياسي المتزايد على عملية صنع السياسات المالية في وقت تتراجع فيه القوة المالية، مدفوعًا بتوسيع العجز المالي وتدهور القدرة على تحمل الديون".
الإغلاق الحكومي الأمريكي
وعندما قالت وكالة موديز ذلك، كانت احتمالات الإغلاق أعلى بكثير من احتمال الإطاحة بمكارثي. ولكن لمجرد أن الإغلاق الحكومي لم ينجح في هذه الجولة، لا يعني أن المحللين في وكالة موديز المكلفين بتصنيف الديون الأمريكية سيعتقدون أنه تم تجنب الأزمة، فالأمر على النقيض تماما.
اضطرابات سوقية
كان هناك 14 إغلاقًا حكوميًا منذ عام 1980، ومرت الأسواق بيوم مضطرب يوم الثلاثاء قبل الانتهاء من التصويت لإقالة مكارثي. وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمن، مما أثار قلق المستثمرين من أن ارتفاع معدلات الاقتراض قد يؤدي إلى مزيد من تعثر سوق الإسكان. فيما انخفض مؤشر داو جونز 430 نقطة، أو 1.3%، مسجلاً أدنى مستوى إغلاق له منذ يونيو ويتجه نحو الانخفاض خلال العام. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.4% مسجلاً أدنى إغلاق له منذ مايو. و خسر مؤشر ناسداك المركب 1.9% مواصلاً عمليات البيع التي شهدها أواخر الصيف.
احتمالات الركود
وقد يؤدي خفض تصنيف موديز إلى ارتفاع العائدات على سندات الخزانة إلى مستويات أعلى، مما يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة المرتبطة بالاحتفاظ بالديون الأمريكية وهذا من شأنه أن يزيد من تكلفة اقتراض الأموال لأن البنوك والمقرضين الآخرين غالبا ما يعتمدون أسعار الفائدة على عوائد السندات الأمريكية وهذا من شأنه أن يزيد من الضغوط التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي، بل ويمكن أن يزيد من احتمالات الركود.