@abdullaghannam
- منذ الصغر وقد نشأنا وتربينا على احترام وتقدير كبار السن رجالا ونساء، ولهم في نفوسنا الهبية والوقار. وتعلمنا أن نستمع لهم بحرص وإنصات، فهم يملكون الخبرة والحكمة معا، وصدق من قال: أكبر منك بيوم، أعلم منك بسنة! وكنا ولازلنا نلجأ إليهم عند الشدائد والصعاب لنستمع إلى نصائحهم .
- من الناحية النظامية يُعرف كبار السن بأنهم الذين بلغوا (60) سنة فأكثر، ويمكن الرجوع لمعرفة التفاصيل عن حقوقهم لنظام (حقوق كبير السن ورعايته) الصادر بتاريخ 1443 هـ. وبحسب المنصة الوطنية الموحدة: «تشير آخر إحصائية لمصلحة الإحصاءات العامة أن عدد المسنين يقارب مليوناً وثلاثة آلاف مسن، أي ما نسبته (٥٪ ) من إجمالي عدد السكان».
- وحديثنا اليوم عنهم لأن 1 من شهر أكتوبر الحالي وافق (اليوم الدولي للمسنين). ويأتي الشعار لهذه السنة (2023م) تحت عنوان: «الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنيين عبر الأجيال». وبحسب موقع هيئة الأمم: فمن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم (65) عاما أو أكثر في جميع أنحاء العالم، ليرتفع من (761) مليونا في عام (2021) إلى (1.6) مليار في عام (2050م). ويتزايد عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم (80) عاما أو أكثر بشكل أسرع.
- وبعيدا عن الأرقام، فمن الناحية الدينية قد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: « ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويُوَقِّرْ كبيرنا»، والتوقير يعني التقدير والاحترام والإكرام، وهذه تكون عامة لكبار السن، ولعلها لذوي القربى أوكد وأخص .
- ومن طريف في هذا الباب، أنه دخل على الأمام أبي حنيفة رجل كبير في السن، ويبدو عليه الوقار، وكان أبو حنفية مادا رجليه، فلما رآه مقبلا تعدل في جلسته وطوى رجليه. فسأل ذلك المسن: متى يفطر الصائم؟ فرد الإمام عليه قائلا: يفطر إذا غربت الشمس، فقال: وإذا لم تغرب الشمس ذلك اليوم؟! فقال أبو حنيفة: «آنَ لأبي حنيفة أن يمد رجليه» والشاهد من القصة ليس السؤال أو الجواب، ولكن المقصود هو سلوك أبي حنيفة حين أبصر رجلا كبيرا في السن قد أقبل إلى مجلسه العلمي .
ولابد من الإشارة أن على كبار السن (ومن كان في حكمهم) أن يميزوا جيدا أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست (مجالس خاصة) هي شاشات عرض يراها العالم أجمع! فبعض الأقوال والأفعال المازحة أو الجارحة لا تصلح البته على بث المباشر، وقد تكون غير لائقة أو مؤسفة أو خادشة للوقار والهيبة لو حدثت في مجلس عام! فما بالك حين تحدث على المواقع والتطبيقات. إن تلك السلوكيات قد تسبب إحراجا لذويهم وأهليهم فضلا عن أنفسهم . وربما هي ستبقى محفوظا على الانترنت للأبد، وحينها لا ينفع الندم ولا العتب.
وللمعلومية والفائدة لا يوجد شيء اسمه (على الخاص) في هذه المواقع والتطبيقات، فالخطأ البشري وارد عن عمد أو بدون قصد؟! إن الشيء الوحيد الخاص هو الذي يبقى في صدرك ولم يطلع عليه أحد، وما دون ذلك وإن ظننتها تخفى عن الناس تُعلمِ!
- وفي المقابل سنجد نماذج منهم لهم إسهامات وانجازات مشرفة حتى بعد عمر الستين، فهم على أرض الواقع أنشط (نسبيا) من صغار السن وأكثر جدية في العمل، والبعض منهم روحه ونفسه خفيفة وبراقة، ويجد في الحياة متسعا وعطاء. فهم بذلك يثبتون للناس أن العمر مجرد رقم على الورق.
- والجدير بالتنويه والإشادة، أن الشخص الذي يعتني بصحته وعقله وروحه في مراحل مبكرة من العمر، سنجده مازال يعطي ويقدم الكثير لنفسه وأسرته ومجتمعه حتى عند الكبر.