نعيش الآن -وبفضل الله- في ظل تحقيق رؤية مباركة أضحت حديث العالم، وما تأسيس نادي الصقور السعودي وفكرة تنظيمه للمعرض إلا خطوة ضمن تحقيق مستهدفات رؤية 2030، وستساهم في ترسية نظام يحمي لنا بيئتنا الطبيعية وما تملكه من مرتكزات.
من يتابع فعاليات معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، هذه الأيام في ملهم (شمال مدينة الرياض)، سوف يدرك كيف نجحت تلك الجهود المباركة، في لفت الأنظار إلى تلك الهواية، لتنتقل انتقالا سلسا عبر الأجيال، مدعومة باهتمام ولاة الأمر، وبكافة الإمكانات والتقنيات الحديثة، لتحوّل تلك الهواية العريقة من هواية تراثية كادت تتلاشى، إلى هواية تُمارَس بالتقنيات الحديثة، وقابلة للتطور والانتقال بكفاءة نحو المستقبل.
ولعل إنشاء نادي الصقور السعودي كان من أجل الحفاظ على تلك الهواية التراثية، ومن ثم كانت البداية في تحويل تلك الهواية العريقة التي ظلت فردية لعقود طويلة، إلى هواية منظمة ومقننة ومدعومة بكل الوسائل الحديثة، لتبقى وترقى وتنمو، لكي تتوارثها الأجيال الحالية والقادمة معا.
على الرغم من أن هواية الصيد بالصقور في المملكة هي إحدى الهوايات التراثية العريقة لدى العرب، إلا أنها ظلت تفتقد إلى التنظيم والتطوير على مدى عقود طويلة، إلى أن جاءت رؤية المملكة 2030 لتجعل من التراث السعودي إحدى أهم الركائز للانتقال إلى المستقبل.
وما من شك أن نادي الصقور السعودي قد نجح في تنظيم هواية الصيد بالصقور وتربيتها والاستثمار فيها، وهو ما يسهم في دوامها واستمراريتها، لتصبح جاذبة للأجيال الجديدة، في إطار منظم ومشروع، بل وتفتح المجال لاستثمار تلك الهواية الأصيلة، والاستفادة من نصيب المملكة الوفير من تعدد البيئات والمناخات والتضاريس، ومن موقعها المميز كممر لهجرة الصقور والطيور، وهو ما يفتح مجالًا لتعظيم تلك الهواية وتعميمها، لتتحول من مجرد هواية للترفيه يمارسها البعض، إلى هواية تعود على ممارسيها بالنفع والربح والاستفادة.
نجح نادي الصقور السعودي إذًا، وبجدارة في حماية هواية الصيد بالصقور من الاندثار، بعد أن بدأت الأجيال الجديدة تهملها وتتجاهلها، فأعادها النادي إلى الواجهة من جديد، من خلال الفعاليات الكبرى التي ينظمها كل عام، ليعرّف من خلالها الناشئة بتراث أجدادهم، ويدعم الهواة القدامى ويشجعهم على التمسك بها، بل وأيضا يجذب إليها هواة جددا، يعملون على استمراريتها وتناميها.
وتشهد هواية الصيد بالصقور نشاطًا وانتعاشًا كبيرين في ربوع المملكة، منذ صدور الأمر الملكي الكريم عام 2017م، بتأسيس نادي الصقور السعودي، للحفاظ على تلك الهواية الأصيلة، وتنظيم ممارستها وتوسيع قاعدتها المجتمعية، وكذلك حماية البيئة والحياة البرية في المملكة.
منذ ذلك الحين، عرفت المنطقة العربية والعالم أكبر المهرجانات والمعارض والمزادات والسباقات الخاصة بالصقور، التي ينظمها النادي كخطوات علمية مدروسة لدعم هذه الهواية وتنظيمها والحفاظ عليها وتعريف الأجيال الجديدة بها، وما كان لهذا النجاح أن يتحقق، لولا دعم القيادة، وحرص أصحاب تلك الهواية على إنجاحها وتنميتها.
نادي الصقور السعودي نجح وبجدارة في تنظيم هذا الحدث المهم، سواءً بتوسيع دائرة تجهيزاته وبرامجه واستقطاباته، وبدلالة نسخته الحالية ومشاركة أكثر من 400 عارض، وهذا يعود لجهود مخلصة وطموحة للنادي، غير متناسين هدف رئيس جعله نصب عينه، يكمن في تطوير الصقارة وصون هذه الهواية وهوايات الصيد والرحلات، والنهوض بالحركة الثقافية والترفيهية في المملكة والمنطقة.
ما الصقر ونشر ثقافته إلا مرتكز من المرتكزات المهمة، وتنمية إرث إنساني مرتبط بالصقر، وتعزيز لكل ما يكرس ويحافظ على انتقال الموروث الثقافي بين مختلف الأجيال.