لعلي لم أجنح لرفعِ الستار عن معنى مصطلح الترف الفكري إلا بعدَ أن صادفتُ أشخاصاً لديهم رغبة مستمرة في النقاش والسجال بِلا معنى ، أي بأن غرضهم الأساسي من نقاشهم المُستمر هو الجدل و إثبات وجهة نظرهم أياً كانت حتى وإن كانت بعيدة كُل البعد عن المنطق عِوضاً عن توجيه تِلكَ التفسيرات ووجهات النظر لإيجاد حلول معينة حول مشكلةٍ ما أو الخروج بفائدة من نقاشاتهم ، و بمعنى أدق هو أن يترك المرء كلّ مسائله الشخصية المهمة ليركّز اهتماماته على المواضيع الفارغة ، وفي هذهِ الحالة يُمكن تسمية الإفراط الذهني الذي لا هدف منه لهؤلاء بالترف الفكري ، فكلمة الترف دائماً ما تأتي بمعنى السعة والزيادة والرفاهية وهو ما يمتلكهُ أولئك الأشخاص في عقولهم من زيادة بالغة في التفكير بكُل شيء وأي شيء .
يقول المثل : ( أسمع جعجعةً ولا أرى طحْنًا !! ) ويقصد بذلك الأشخاص الذين يتكلمون أكثر مما يفعلون أو الأشخاص الذين يعدون ولا يوفون بوعودهم ، وهو أكثر مثل يصف أصحاب الترف الفكري ، ولكن التساؤل المطروح هو هل يُمكن تسمية سعة الفكر وتناول كماً هائلاً من المعلومات بنفس المسمى ؟؟
إن مفهوم الترف الفكري يعكس الأفكار التي لا تقدم ولا تؤخر للمجتمع والفرد أي فائدةٍ تُذكر عدا العبث بالأفكار و شغل العقل بأمور لا منفعة منها ، وما أكثر مثل هذه الأفكار في عصرنا الحديث ونقيسُ على ذلك ما نقرأهُ أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي من مواضيع وقصص لا تُسمن ولا تغني من جوع لِهدف إثارة حفيظة البعض أو حصد أكبر عدد من المشاهدات والمتابعات وإثارة الجدل ليسَ إلا ، الكثير من المعلومات التي نتناولها يومياً وكذلك الكثير من الأفكار التي تجول في عقولنا ، منها ما يستحق أن نتحدث عنه ونعمل به ومنه مالا يستحق ذلك ، ولكن رُبما هناك فكرة يُمكن تحويرها لمبدأ نستقيد منه ثُم نعمل به ، حين قررتُ البدء في نشر كتاباتي كان أساسُ الأمر فكرة وهي ممارسة موهبتي و إظهارها للعلن ، وأكادُ أُجزم بأن هذهِ الفكرة غيّرت مجرى حياتي بحيث بتُ أكثر تأملاً للأشخاص والأحداث في حياتي ، بتُ أكثرَ وضوحاً فيما يخصُ رأيي وما أريد ولا أُريد ، فمسارُ الحياة يستحيلُ تغييرهُ بينَ يومٍ وليلة ولكن تعاقب الأفكار المنطقية على المرء ومن ثُم التركيز عليها يساهم في جعلها تتطور للأفضل .
ومضة :
على مدى التاريخ ، كان السلاح الوحيد دائماً لمحاربة فكرة سيئة هو فكرة أفضل منها ..
@al_muzahem