- نتائج النشاط الاقتصادي تحتاج لوقت لتظهر، لذا كانت هناك مقاييس لرصد تحركات النمو والتباطؤ في الاسواق، فكل متغير على الاسواق له تأثير مرتد على الاقتصاد ويحتاج لوقت مرتجع لقياس تأثيره، وتكون مباشرة على السوق فيظهر دوره على الحياة الاجتماعية بشكل مباشر، بينما يحتاج لوقت ليظهر تأثيره على الاقتصاد ودورته.
- لذا فإن توقعات وتقارير الفعاليات العالمية و وكالات التصنيف الائتمانية هامة لوضع الخطط والتركيز على بواطن الضعف ومواقع القوة، ولكنها مرتبطة بتدفق المعلومات وصحتها وشفافيتها، كما لا يمكنها التنبؤ بالاحداث والمتغيرات وتأثيراتها، لذا فالتوقعات ليست بالدقة المعول عليها ولكن تحليلاتها لبعض الوقائع يضع الاصبع على الجرح، وفي الخامس من اكتوبر نشر البنك الدولي تقرير تابع للمرصد الاقتصادي للشرق الاوسط وشمال افريقيا بعنوان «تحقيق التوازن، الوظائف والأجور عند وقوع الازمات»، متوقعاً أن «يتباطأ معدل النمو في العام المقبل إلى 3٪ بعد نموه بنسبة 5.6% في 2022. وستشهد البلدان المصدرة للنفط، التي استفادت من المكاسب غير المتوقعة في 2022، تباطؤا في النمو، لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين البلدان مرتفعة الدخل وبقية المنطقة»، كما جاء في فقرة (تنبؤات النمو في المنطقة) -وهذا ما اركز عليه- أنه:
- في تناقض مع النمو السريع للغاية في 2022، والذي عزز الارتفاع الحاد في اسعار النفط في اعقاب الحرب الروسية، من المتوقع ان يتباطأ النشاط الاقتصادي في المنطقة هذا العام، ويتوقع خبراء البنك بلوغ معدل نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في المنطقة 1.9% في 2023، على عكس ما حققته المنطقة من تفوق في 2022، ويتوقع للنشاط العالمي أن يتراجع الى 2.5% هذا العام، منخفضاً عن معدله البالغ 3.1% في 2022،ويعكس تباطئ النمو العالمي تشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، والعديد من الاسواق الناشئة.
السياسات النقدية، إنها مفتاح الاقتصاد قادرة على تحقيق نموه او تراجعه، اذ تشكل عملية عرض النقود اساس النشاط في كل الاسواق وبالتالي القدرة على تحريك اسواق المال، والرابط أن هذه العملية التي هي «دينامو» النشاط الاقتصادي ولب السياسة النقدية تنشط في حال انخفض أو استقر سعر الفائدة، لذا فإن أي أزمة اقتصادية أو مالية يجب على الساسة تجنب التدخل المباشر أو المتكرر في السياسات النقدية ورفع سعر الفائدة، فالسوق قادرة على تصحيح نفسها بنفسها وفق مدة نقاهة زمنية صحية لتعود لدورتها النشطة، ودائماً سياسة الانفاق هي عمود السياسة النقدية وهي معول السوق وبناءه وتحرك السوق وفق القوة الشرائية يشكل عادة وقيمة استهلاكية لتصحيح الوضع ومن ثم بنية صالحة للنمو المستقبلي، فهناك دائما هذه المعادلة التي يدعمها السلوك الاستهلاكي ونشاط الاسواق لتشريع وضعية سياسة الانفاق والمعروض النقدي بما يقوي السياستين المالية والنقدية ويوازنهما لتنشيط السوق وتحقيق النمو.
- في العاشر من اكتوبر اصدر صندوق النقد تقريره «آفاق لاقتصاد العالمي» والذي يحتوي توقعات النمو التي اظهرت أن أكثر الاقتصادات التي تلاعبت باسعار الفائدة ووهي الدول المتقدمة هي اكثر الاقتصادات المتراجعة والتي ستعاني من تباطؤ مستقبلي حاد بينما الدول المعتدلة كانت اكثر توازن واسواقها اكثر نشاط وبالتالي اقتصادها سينمو اسرع.
وعليه كلما كانت السياسة المالية والنقدية حكيمة كانت سياسة الانفاق جيدة، يحمي هذان الامران الاقتصاد، وكذلك العوامل المساعدة على تسييل وتنشيط السوق وتحريكه، كتوطين الوظائف التي تضمن بقاء الاموال في السوق، ودعم المشاريع الصغيرة (القطاع المحرك)، والحرص على الخطط التنموية قريبة الامد والاشتثمار في اللوجستيات والبنى التحتية، وتنشيط الفعاليات المحلية، وكذلك الالتفات للتجارة الالكترونية التي اثبتت جدواها في الازمات.
@hana_maki00