جيلًا وراء آخر، يتوارث السعوديون هواية الاهتمام الفريد بتربية الصقور وممارسة الإرث الذي يعبر عن هُويتهم وما تحمله من ثقافة عربية عريقة، وما يرتبط بها من قيم نبيلة وصفات أصيلة، مثل: الشجاعة والفخر والتواضع والعمل بروح الفريق بين الصيادين، ويحرص أبناء الطائف على التمسك بها.
وتحتل "الصقارة" مكانة مميزة في التراث العربي، إذ مارسها أهل شبه الجزيرة العربية منذ أمد بعيد، ولاتزال تتمتع بالمكانة نفسها في الوقت الحالي، رغم ما يشهده العالم من تطور وتغييرات في نظام الحياة.
الصقارة.. قِيَم أصيلة تتوارثها الأجيال الشابة في الطائف.https://t.co/RKzyu3Z6oR#واس_جودة_الحياة pic.twitter.com/qk3fSFFcBD— واس جودة الحياة (@SPAqualitylife) October 20, 2023
وتعد الصقور رفيقة صيد في تقليد يعرف محلياً باسم "القنص" فتجول مع أصحابها في حلهم وترحالهم، وما يقدمونه لها من اهتمام في تربيتها وتدريبها، وتوفير الرعاية الطبية لها، حيث اعتمد عليها البشر لفترة طويلة في صيد غذائهم، وما لها من مكانة رفيعة ورمزيات للقوة، والمجد، وعُرفت الصقور كأفخم أنواع الهدايا حتى عصرنا الحالي.
سياحة الصقارة
تبرز هذه الهواية من خلال سياحة الصقارة، التي تستقطب العديد من السياح عرباً وأجانب وهواة محليين، يمكنهم من خلالها التدريب على التعامل مع الصقور بأنواعها، إضافة إلى تدريب صقورهم العائدة لملكيتهم في المملكة ولا سيما في محافظة الطائف.
وأكد صاحب مربط قرناس الحجاز للصقور، الصقار راكان خلف النفيعي، أن هواية تربية الصقور نالت اهتماماً كبيراً منذ القدم، وتضاعف عدد محبيها عدة مرات في الأعوام الأخيرة، ما زاد عليها الإقبال الكبير في الاهتمام بتقاليدها وآدابها، موضحاً أن أشهر الصقور، تكمن في عدة أنواع الأصيلة منها دون التهجين وهي (البيور، والحر، والشاهين البحري، والشاهين الجبلي، والوكري).
تربية الصقور
بين النفيعي، أن الصقور تمر بمراحل طوال فصول السنة وفي أولها الربطة يتم العمل عليها من 8 إلى 9 أشهر، وهي فترة تبديل الريش وتسمى، بالقرنسة، التي تبدأ في الشهر الثاني من التاريخ الميلادي إلى أكتوبر، وكذلك الاهتمام في رفع وزن الطير، و فحص الطير قبل إدخاله إلى غرف المقيض للتأكد من سلامته وعدم إصابته بأي أمراض قد تؤثر على قدرته على الطيران والصيد، ولأخذ متسع من الوقت في تبديل الريش.
وأضاف أنه بعد ذلك تبدأ الفترة الأساسية من التدريب الطير، وهي مرحلة بناء الثقة بين الصقر والصقّار لكي يألف على صاحبه، من خلال ترويضه وتعويده على صوت واسم معين، ومعاملته برفق ولطف شديدين، ومرافقته لساعات طويلة يومياً، إذ تتطلب تلك المرحلة إلى الصبر وطولة البال والهدوء.
بعد ذلك، يتعّلم الصقّار كيفية حمل الطير ونقله دون إيذائه، بعد سلسلة تدريبات على اختيار الفرائس الصحيحة، يطلق الصقّار طيرُه ليقنص الفرائس ويجلبها له، مضيفاً أن الصقور تتميز بعدد من الخصائص عن غيرها من الطيور الأخرى ومن أشهر هذه الخصائص حدة البصر، والمخالب الحادة التي تختلف من طير إلى آخر مثل الصائد، والعلاف، والمخلاب الطويل، واللافح.