- في الحروب والكوارث ومناطق النزاع بالكاد يستطيع الناس الحديث تُجر أنفاسهم جراً من قوة البلاء، وفي أحداث غزة الأخيرة كان مشهد الطفل الذي يرتعد بالجملة ويجر أنفاسه ليخرج الكلمة ويتأتأها من أكثر المشاهد التي جعلتني في مقالي هذا أتضامن مع اليوم العالمي للتأتأة والذي يصادف الثاني والعشرون من أكتوبر من كل عام وهو أحد الأيام الصحية العالمية التي تهدف للتضامن مع مرضى التأتأة حول العالم وتوعية الجميع بكيفية التعامل مع الذين يعانون منها، والتأتأة أوالتعلثم هي اضطراب الطلاقة وهو أحد أنواع اضطراب الكلام وينطوي عنه مشاكل متكررة وشديدة في الطلاقة الطبيعة وتدفق الكلام، وبلغ عدد المتلعثمين حول العالم 7 مليون، أي مايقارب 1% من سكان العالم، وسواء كانت تأتأة طفل غزة ستدوم وسيكون ضحية الخوف الشديد الذي لم يتحمله جسده الصغير فارتعدت فرائصه، أم عارضة فإن التأتأة إن لم تأتي بالوراثة أو بسبب مشاكل في الكلام وتأخر النمو فهي جزماً « تأتأة نفسية « وقد مررت بزميلة عمل يبدو من مظهرها أنها شخصية غير اعتيادية! لكنها عندما تحدثت أخرجت الحروف بصعوبة وكررت أغلبها، ورغم جودة المواضيع التي تطرحها إلا أن هذا الاضطراب أفقدها لذة الاستمتاع بالحديث وأفقدنا لذة الاستماع الجيد، ولأن مجالس النساء ـ مهوسة ـ! بالتحليل والتنقيب فقد كان سبب تأتأة زميلتنا هو تعرضها لصدمة عاطفية قاسية من زوجها وأن هذه الحالة لازمتها كمرض مزمن! والعهدة على جلسة القهوة ـ الخاثرة ـ !
- يستطيع الأشخاص التغلب على التأتأة بممارسة الكلام والتدرب والثقة بالنفس وفي عالم المشاهير والشخصيات البارزة فهناك الكثير من الأسماء اللامعة كانت لديها مشاكل في الكلام والنطق فالرئيس جورج السادس ملك بريطانيا وإيرلاندا من عام 36ـ 52م كان يعاني من التأتأة وبخاصة عند الحديث أمام الجمهور أوالإذاعة مما يوقعه في حرج ويجعله عازفاً عن الظهور في المحافل العامة لذلك لجأ إلى خبير تخاطب وإلقاء حتى يتمكن من حلف اليمين أمام شعبه وإلقاء بيان التتويج بعد أن تخلى أخوه عن الحكم، فتغلب بالعزيمة والإصرارعلى تلك المشكلة.
- أما الممثل البريطاني روان سيباستيان أو(مستر بن) الشخصية الأكثر شهرة في عالم الكوميديا فقد كان منطويا في حياته الشخصية ولا يحبذ المقابلات العامة وبالكاد يتحدث مع الناس حتى لا تظهر مشكلته وبالرغم من ذلك فقد اكتسب مزيداً من الأضواء والشهرة وبلغت ثروته 8.5 مليون جنيه إسترليني، أما المذيع الأمريكي الأكثر شهرة ستيف هارفي فقد عانى من التأتأة في صغره وعندما سألته معلمته عن حلمه عندما يكبر كتب « أريد أن أظهر على التلفزيون « فاستهزأت به لكن والده دعمه وطلب منه أن يكتب نفس الورقة ويقرأها يوميا فأصبح النجم الأول والأشهر في أمريكا، ومن يومها وهو يرسل لمعلمته التي أهانته ! كل عام هدية « تلفزيون «! في عيد ميلادها حتى تراه !!
- أما المربون فعليهم دعم أبنائهم في كل أحوالهم وأن لا يركزو جهودهم على الجيدين منهم بحكم أنهم الأسهل في الاستجابة بل إن الأطفال الذين يعانون من تأخر أو عرض ما فهم الأحوج للاهتمام والرعاية وهم الذين سيجلبون الأجور العظيمة لوالديهم لمشقة رعايتهم فربما نَبغَ فيهم المتأخر وتأخر النابغ!
- في قصة موسى عليه السلام واختيار الله عز وجل له ليكون كليمه رغم معاناته من مشاكل النطق أعظم الدروس والعبر حيث طلب موسى من الله عز وجل أن يحل عقدة لسانه أمام فرعون ليفهموه وأن يرسل معه أخاه هارون لأنه أفصح لساناً منه، لكن الله عز وجل كرمه بهذه المعجزة التي لم تكن لغيره « وكلم الله موسى تكليما «
- ثم أيها المتأتئون :أهنأوا بهذا اليوم .. نحن فخورين بكل متأتئ وثق بنفسه وتجاوز تأتأته و واصل إنجازاته وأدار ظهره للمتنمرين.