استكمالاً لمقالِ الأسبوعِ الماضي حولَ الشخصيةِ الاستراتيجيةِ.. ومدى فاعليتِها؟ وما أسعدَني هوَ ردودُ فاعلِهِ من القراءِ الشبابِ للاستزادةِ بآلياتٍ مجربةٍ وفاعلِهِ وقابلةٍ للتنفيذِ تتوافقُ معَ الفردِ، وحرصِهِ على الإنجازِ وما سوفَ يميزُهُ في حياتِهِ، ويبقى لهُ الأثرُ والمردودُ.
- فالتخطيطُ الاستراتيجيُّ الشخصيُّ كما ذكرنا تكمنُ أهميتُهُ في كونِهِ ممارسةً مستمرةً للقيادةِ الذاتيةِ؛ فإذا كنتَ تستطيعُ قيادةَ نفسِكَ يمكنُكَ قيادةُ الآخرينَ. فهوَ خريطةٌ ترسمُ طريقَ حياتِكَ وهيَ خطةُ عملٍ تسهمُ في تحقيقِ أهدافِكَ وأمانيكَ بتركيزٍ ورؤيةٍ واضحةٍ، هنا قدْ أوجزَها في خطواتٍ عمليةٍ:
1: تحليلُ وضعِكَ الحاضرِ والتعرفُ على نفسِكَ وبفهمِها يتيسرُ وضعُ أهدافِكِ المناسبةِ وفقاً لذلكَ، يجبُ أنْ تشملَ الاستراتيجيةُ استخدامَ أداةِ التحليلِ الرباعيِّ (SWOT)، إضافةً إلى ذلكَ تحديدُ ملامحِ مستقبلِكَ منْ خلالِ الأهدافِ الموضوعةِ، وعليهِ ومنْ خلالِ إجراءِ التحليلِ الرباعيِّ، لمنظورِكَ الداخليِّ (ما هيَ نقاطُ قوتِكَ، وما هيَ نقاطُ ضعفِكِ) ومنظورُكَ الخارجيُّ (ما هيَ الفرصُ المتاحةُ، وما هيَ التحدياتُ والمخاطرُ) فبنهايةِ التحليلِ ستتكونُ لديْكَ قائمةٌ كونتْ منْ العصفِ الذهنيِّ للجوانبِ الأربعةِ، التي ينبغي ترتيبُها وفقاً لأهميتِها؛ حتى تساعدَكَ على وضعِ تصورٍ صحيحٍ لأهدافِكَ الاستراتيجيةِ، وهناكَ الكثيرُ منْ المقاييسِ الشخصيةِ العلميةِ التي تعينُكَ على التحليلِ، ومنْ أهمِّها مقياسُ هيرمان (بوصلةُ التفكيرِ).
2: اكتبْ قيمَكَ الشخصيةَ، فهيَ أكثرُ ما نهتمُّ بهِ في الحياةِ، ويتمُّ تمثيلُها بكلماتٍ تخاطبُ عقولَنا وقلوبَنا بصدقٍ، وحتى تضمنَ أنَّ خطتَكَ التي تقومُ ببنائِها هيَ الخطةُ الصحيحةُ والمواءمةُ لأولوياتِكَ؛ حددْ أهمَّ قيمٍ أساسيةٍ لكَ، فالناجحونَ يستغرقونَ الوقتَ للتفكيرِ برويهِ لتأكدَ منْ أنَّ قيمَهمْ الشخصيةَ تتماشى معَ مسارِ حياتِهمْ، مثلَ القيمِ الروحيةِ، الأمانِ الماليِّ، المعرفةِ، الصحةِ والعائلةِ، وغيرِها منْ القيمِ والتي تصفُكَ وتعكسُ شخصيتَكَ.
3: حددْ جوانبَ حياتِكَ التي تريدُ التركيزَ عليها في سنواتِ خطتِكَ الاستراتيجيةِ؛ هنا ستصبحُ أهمَّ نقاطِ جوانبِ تركيزِكَ في خطتِكَ الشخصيةِ، على سبيلِ المثالِ: (الجانبُ الماليُّ، الصحةُ، التطويرُ المهنيِّ، وغيرُها، ثمَّ فكرَ في كلِّ جانبٍ منْ جوانبِ حياتِكَ، حتى تحددَ مدى التوازنِ فيها، قدْ يكونُ هناكَ مجالٌ واحدٌ أوْ أكثرُ تمَّ إهمالُهُ، أوْ أنَّهُ غيرُ متوازنٍ، فكرْ فيما هوَ الأكثرُ أهميةً بالنسبةِ لكَ الآنَ، وما أكثرَ جانباً تودُّ التركيزَ عليهِ خلالَ سنواتِ خطتِكَ الاستراتيجيةِ.
4: اكتبْ رسالتَكَ ورؤيتَكَ، فالرسالةُ هيَ هويتُكَ وسببُ وجودِكَ؛ والأثرُ الذي تريدُ إحداثَهُ؛ لذا اجعلْها مكتوبةً بطريقةٍ إيجابيةٍ وعمليةٍ، أما الرؤيةُ هيَ التحدي الذي تطمحُ لتحقيقِهِ على المدى الطويلِ، وهيَ تجسدُ ما ستبدوعليهِ حياتُكَ المستقبليةُ، هذهِ الخطوةُ تساعدُكَ على التواصلِ معَ رؤيتِكَ للمستقبلِ، وكتابتُها تخلقُ إحساساً أكبرَ بالالتزامِ برسالتِكَ الشخصيةِ؛ لذا اجعلْها موجزةً.
5: حددَ أهدافُكَ الاستراتيجيةَ، حددَ هدفاً واحداً أوْ أكثرَ لكلِّ جانبٍ من جوانبِ التركيزِ الثلاثةِ السابقِ «تمَّ تحديدُها في الخطوةِ (3)»، مثالٌ على ذلكَ الجانبِ الماليِّ أوْ مثالٌ آخرُ يخصُّ الأكاديميينَ والباحثينَ في الجامعاتِ وهوَ قدْ يكونُ أحدَ أهدافِهم الاستراتيجيةِ: الوصولُ إلى الأعلى استشهاداً في نشرِ وقبولِ بحوثِهم العلميةِ في مجالِ تخصصيهمْ. - وحتى تحققَ هذهِ الأهدافُ تلكَ طويلةَ المدى لا بدَّ أنْ تتحولَ إلى أهدافٍ ذكيةٍ؛ فقمْ بكتابةِ هدفٍ واحدٍ أوْ أكثرَ منْ الأهدافِ الفرعيةِ الواقعيةِ، والقابلةِ للقياسِ، والمحددةِ زمنياً. هنا تبدأُ برسمِ خارطتِكَ الاستراتيجيةِ، واحرصْ أنْ تعلقَها أوْ تضعَها أمامَكَ حيثُ تراها في الأوقاتِ كلِّهمْ، ذلكَ سيعينكَ ويوجهُكَ نحوَ الاقترابِ لتحقيقِ هدفِكَ بوضوحٍ تامٍّ.
- خلاصةُ القولِ التخطيطُ الاستراتيجيُّ الشخصيُّ بخطواتِهِ المذكورةِ آنفاً والقابلةَ للتنفيذِ، تحتاجُ قوتَكَ وقرارَكَ وإرادتَكَ لتدفعَكَ لتكونَ استباقياً في الوصولِ إلى أهدافِكَ، كنْ واقعياً، مرناً، بما يتوافقُ معَ إمكانياتِكَ وقدراتِكَ؛ حتى تحققَ التوازنَ في جميعِ جوانبِ حياتِكَ .
* جامعةُ الإمامِ عبدالرحمنِ بنِ فيصل