- من المصطلحات الحديثة والتي باتت تتردد على مسامعنا مؤخراً ولم تكن معروفة من قبل كمصطلح لكنها كانت موجودة كفكرة، مصطلح «سياحة الأعمال» وهو باختصار مصطلح يعبر عن الأشخاص الذين يسافرون لأجل العمل سواء كان تجارة أم حضور فعاليات معينة أم تأدية مهام وظيفية من خلال الانتدابات وغيرها من مسببات السفر لأجل العمل، فهذا السفر لن يكون بطبيعة الحال بكامله للعمل، بل سيتخلله حجوزات فندقية «سكن» و تناول وجبات طعام وحجوزات نقل «سيارات أو قطارات أو طائرات» والعديد من الاجراءات التي تتشابه إلى حد كبير مع اجراءات السفر لغرض السياحة، وأعود قليلاً إلى مرجعيتنا الدينية القرآن الكريم، حيث ورد في الآية «إيلافهم رحلة الشتاء والصيف» وتوجيه الخطاب هنا كان لتجار قريش في مكة المكرمة، حيث كان معروفاً لديهم آنذاك رحلتي تجارة ثابتة كل عام، إلى اليمن شتاءً وإلى الشام صيفاً، أي أنهم يقومون بـ «سياحة الأعمال» بشكل أو بآخر بما يتناسب مع تطلعاتهم حينها، ومن المعروف أيضاً أن رحلاتهم في تلك الحقبة كانت شاقة وطويلة وتحتاج إلى أموال طائلة لإتمامها سواءً في طريقهم إلى وجهاتهم التجارية من البلدان أو عند وصولهم إليها، ومن هنا ندرك الجذور التاريخية لمصطلح «سياحة الأعمال».
- ونستشف أسباب تسميته، فهو كما ذكرنا، لا يمكن فصل العمل عن السياحة بمجرد شد الرحال والسفر، ومما لا يخفى الغالبية أن الكثير من المهارات والأفكار الجديدة يتم اكتسابها أيضاً بالسفر، وتمرّ عملية نقلها إلى الموطن بمراحل متعددة قد تتطلب تكرار السفر والتردد مرات عديدة، بالإضافة إلى رغبة الإنسان الملحّة دائماً في الاستكشاف ومعرفة ما يجهله وما يختلف عن بيئته من أنشطة تجارية وغيرها.
- ومع هذا الانفتاح العالمي الذي نعيشه، فإن الكثير من الرحلات الدولية تتم لأجل العمل وعقد الصفقات وإبرام العقود وغيرها من الإجراءات التي تصب في خانة الأعمال والاستثمار، مما دفع المسؤولين في بلادنا للتفكير بعمق في تأثير هذا الحراك التجاري - العملي الكبير على الاقتصادات الوطنية، وضرورة تنميته لجعله رافداً مهماً للسياحة وازدهار وتنوّع الأعمال، وتعزيز الاقتصاد الوطني بتنويع مصادر الدخل، مما أدى إلى إنشاء الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات بأمر ملكي، لتحمل بدورها جهد تحقيق أهداف هذا القطاع وبناء أسسه وفق أحدث المنهجيات المتبعة في إقامة المعارض والمؤتمرات لجذب أكبر وأهم معارض ومؤتمرات الأعمال الدولية لإقامتها بالمملكة والتسويق المباشر والغير مباشر لمملكتنا الحبيبة في أنحاء العالم، كما أن الهيئة المسؤول الأول عن الرقابة على هذا القطاع بالتعاون مع بقية الجهات ذات العلاقة، بما يجعل تطويره ضرورة حتمية تتناسب مع جذور الفكرة التاريخية وهذا التطور التنظيمي الهائل الذي نعيشه على مستوى المملكة والعالم بأسره.