توقع تقرير اقتصادي أن يشهد الأسبوع الحالي تأثر أسواق السندات السيادية الأوروبية بحركة سندات الخزانة الأمريكية وقرارات بنك اليابان الخاصة بالتحكم في منحنى العائد، مما يتوقع معه ارتفاعاً في العائدات لا يمكن إيقافه.
وحدد التقرير 3 أسباب وراء ارتفاع العائدات، الأول: ارتفاع توقعات التضخم من جديد؛ ومن ثم قد تحتاج البنوك المركزية إلى الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة لمدة أطول.
التوترات الجيوسياسية
بحسب التقرير تدفع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى مزيد من الضغوط التصاعدية على الضغوط التضخمية الموجودة بالفعل.
وارتفع معدل التعادل لسندات الـ" 10 سنوات" إلى 2.47% مؤخراً بدلاً من 2.10% في مارس. يمكننا رؤية ارتفاع سعر الفائدة الآجلة لمدة 5 سنوات وكذلك ارتفاع مقايضة مؤشر أسعار المستهلك لمدة 10 سنوات مرة أخرى نحو 3٪، مما يشير إلى احتمالية استمرار مستويات التضخم المرتفعة.
وأضاف أن السبب الثاني: التشديد الكمي بالإضافة إلى الزيادة في المعروض في مزادات سندات الخزانة الأمريكية يتسببان في فرض ضغوط تصاعدية على العائدات.
التشديد الكمي
ويعمل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الأوروبي على فرض سياسات التشديد الكمي، مما يعني ضمناً أن البنوك المركزية لا تدعم أسعار السندات.
وفي الوقت نفسه، اضطرت سندات الخزانة الأمريكية إلى زيادة المعروض من أذون الخزانة والقسائم لتمويل العجز المالي الضخم، وبينما لا يزال المعروض من السندات عند مستويات جائحة كورونا، إلا أن الاحتياطي الفيدرالي لا يدعم مثل هذا الحجم من الإصدارات.
بنك اليابان
وأوضح أن السبب الثالث: بنك اليابان قد يتدخل مرة أخرى للتحكم في منحنى العائد. إذ سيصدر بنك اليابان الأسبوع المقبل التوقعات الاقتصادية لأعضاء مجلس السياسات النقدية.
وكان من المتوقع وفقاً لتقديرات شهر يوليو أن يقف التضخم الرئيسي عند مستويات 2.5% بحلول أبريل 2024. ولكن في ظل استمرار مؤشر أسعار المستهلك فوق مستويات 3% حتى الآن؛ فقد نرى رفعاً لتلك التقديرات في اجتماع أكتوبر المقبل.
وذكر أن ارتفاع العائدات في جميع أنحاء العالم يستدعي تعديلاً إضافياً لسياسات التحكم في منحنى العائد.
ووفقاً لما أوردته صحيفة نيكي يوم الأحد؛ فإن بنك اليابان قد ينظر في رفع السقف من مستويات 1% أو إزالة نطاق السماحية الذي يدور حول مستهدفات 0%. وفي كلتا الحالتين، فإن مثل هذه الإجراءات قد ندفع المستثمرين الأجانب للامتناع عن عن شراء سندات الخزانة الأمريكية والسندات السيادية الأوروبية، مما يفرض المزيد من الضغوط على العائدات.
وأكد على أن ليس لدى المستثمرين اليابانيين في الوقت الحالي أي أسباب لشراء سندات الخزانة الأمريكية والسندات السيادية الأوروبية، نظراً لارتفاع تكلفة التحوط لهذه المراكز المالية، وبالتالي، فمن المربح حالياً شراء سندات الحكومة اليابانية عند مستويات 0.85٪.
ترقب لقرارات البنك المركزي الأوروبي
وذكر أن ارتفاع العائدات طويلة الأجل، وانعدام اليقين بشأن التوترات في الشرق الأوسط سيدفع البنك المركزي الأوروبي في اجتماعه للسياسة النقدية هذا الأسبوع إلى الانتظار والمراقبة.
ووفقا للتقرير ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بمقدر 90 نقطة أساس من 4.10% إلى 5 % وفق مستويات اليوم منذ بداية شهر سبتمبر الماضي، مما دفع عائدات السندات الأوروبية السيادية للارتفاع هي الأخرى.
السندات الألمانية
وتوقع أن تصل عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى 3% للمرة الأولى منذ عام 2011، فيما بلغت عائدات السندات الإيطالية أعلى مستوياتها منذ عام 2012 في أعقاب الأزمة السيادية الأوروبية، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل يؤدي إلى المزيد من تحجيم الاقتصاد، بما يقلل من فرص رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
وأوضح أن البنك المركزي الأوروبي لا يحصل إلا على معلومات جديدة محدودة، مما يعيق حركته نحو المزيد من التعديل لسياسته النقدية. ومن المنتظر خروج معلومات جديدة إلى النور بالتزامن مع اجتماع السياسة النقدية في ديسمبر، إذ ستتوفر للمركزي الأوروبي بيانات دراسة إقراض البنوك وبيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث بالإضافة إلى التوقعات الجديدة لسوق العمل.
وأشار إلى أن من المنتظر أن يتحول تركيز الاجتماع القادم نحو مناقشة صناع السياسات حول أدوات لسياسات نقدية غير متعلقة برفع أسعار الفائدة، وهي أدوات مثل متطلبات الحد الأدنى من الاحتياطيات والإنهاء المبكر لإعادة الاستثمار لبرنامج الشراء لحالات الطوارئ الوبائية.
ولفت إلى أن من غير المرجح سحب الاستثمارات المتعلقة ببرنامج الشراء لحالات الطوارئ الوبائية في المستقبل القريب. ومع استمرار ارتفاع العائدات، ارتفعت فروقات سعر السندات الإيطالية إلى 200 نقطة أساس، مما يهدد بالمزيد من الارتفاع وسط تقلبات السوق.
وتابع: "نظراً لأن البنك المركزي الأوروبي لا يزال قلقاً إزاء ضغوط التمويل في الأسواق المحيطة وخاصة في إيطاليا، فسيستغرق الأمر الكثير من الوقت لتغيير اتجاه برنامج الشراء لحالات الطوارئ الوبائية".
ارتباط وثيق
ونوه بأن نظراً للارتباط الوثيق بين السندات السيادية الأوروبية وسندات الخزانة الأمريكية، فإن العائدات الأوروبية سترتفع أيضاً مع استمرار ارتفاع العائدات في الولايات المتحدة، ولذلك فمن المنطقي استنتاج أن منحنيات العائد ستستمر في التباعد، مع ارتفاع العائدات طويلة الأجل بوتيرة أسرع من العائدات قصيرة الأجل.
وتوقع التقرير الصادر عن "ساكسو بنك" أن تستمر عائدات السندات طويلة الأجل ثابتة، خاصة في ظل الاعتقاد السائد بالأسواق أن البنوك المركزية قد بلغت ذروة الرفع لأسعار الفائدة. ومن ثم فإننا مازلنا نفضل الجزء الأمامي من منحنى العائد وسيتوقف الأمر على ما تستقر عليه اجتماعات السياسة النقدية للبنوك المركزية، بينما نظل حذرين بشأن المدة المتوقعة.