[email protected]
كان فرحي كبيرا وسعادتي بمحمد السليم وتاريخه الفني بلا حدود.. كنت استعيد تاريخاً وعمراً وصداقةً عندما قرأت خبر بيع احد اعماله في مزاد سوذبيز الاخير وكانت لوحته بلا منافس اكتسحت كل شيء واسعدتنا هذه القيمة المادية والفنية والتاريخية لفناننا الكبير السليم.
- مر بي ايضا طيف من الاحداث والوقائع والجهد الكبير الذي بذله السليم لبيع بعض اعماله عندما اقام معرضاً حضر به الى المنطقة الشرقية فالبحرين وبعض دول مجلس التعاون، حمل اعماله في سيارته وطاف بها وقدمها كأجمل ما يقدم لمجتمعات لم يزل الفن بالنسبة لهم امرا ثانويا، السليم فنان اصيل مكافح ولم يستسلم لاي ضغوط مادية او معنوية، عندما تعرفت عليه كان في زهوة تالقة وتاثيره ودور اضطلع به في الساحة عندما انشأ دار الفنون السعودية التي اشتريت وزملائي الفنانين منها افخر الماركات التي كان يجلبها من ايطاليا ثم انشائه الصالة العالمية للفنون التي اطلقت خلال سنين قليلة العديد من المعارض المحلية والمشتركة عندما انفتحت الصالة على الفنانين العرب والاجانب المقيمين فاقيمت المسابقات وحضر كبار مسئولي الاعلام والشباب لافتتاح المعارض ودعم الفن، المتتبع لمسيرة محمد السليم سيلحظ قدر الاصالة التي كان يؤكدها في اعماله وكتاباته ومطبوعاته، كانت بيئة مرات اول ما تاثرت به اعماله، ثم انفتح على بيئة المملكة في اوجهها المختلفة فرسم الصحاري ومواسم الربيع وتحولات شهدتها البلاد عندما رسم لوحة المخطط الجديد وكانه يستشرف نهضة كبرى لبلادنا.
- كنت من اوائل الحريصين على المشاركة في معارض صالة السليم التي اسماها العالمية بجانب الزملاء الفنانين من بعض مدن المملكة، انضم السليم الى اصدقاء الفن التشكيلي الخليجي في العام 1985 عندما دعيناه للانضمام وكانت منذ ذلك التاريخ صداقتنا القوية وقبل الاصدقاء مشاركتنا سوية وحضورنا ممثلين للمملكة في الاسبوع السعودي الثقافي بالجزائر 1984 كانت اعمال السليم في جل مراحل حياته هي تلك التي وضعت البيئة والطبيعة المحلية والمظهر الاجتماعي واجهة يقدم بها نفسه وفنه ومؤكدا على ان تكون للوحة الفنية هويتها وشخصيتها وقيمها الروحية كتب كثيرا من المقالات ودخل مع بعض زملائه الفنانين في حوارات ولكنه في كل الجوانب يضع الهوية والشخصية المحلية في المقدمة، تواصل حضوره وتأثيره على عدد من فناني المملكة كما كانت قدرته على الاستمرار في معظم الظروف التي مر بها وعندما قرر المغادرة الى ايطاليا مقر دراسته الفنية كان يتواصل معي ومع بعض الزملاء الفنانين، كان يبعث بدعوات للمشاركة في بعض المعارض الايطالية كما كان يخبزني بتجهيزه مرسما خاصا به في شقته الصغيرة كما بعث لي ببعض الصور الخاصة عن المرسم وتجهيزه، حافظ السليم على سمات تجربته الفنية وشخصيتها وتنامي تشكلها فكانت الوانه تعكس الصحراء ومسطحاته وآفاقياتة الخطية واللونية تشبع المكان اصالة واختلافا.
- الان وبعد اكثر من 25 عاماً على رحيل السليم ومع تاريخ حافل بالعطاء والتميز تجد اعماله مكانتها اللائقة في المزادات الدولية وهذا التميز والقيمة المادية والمعنوية لعمل السليم هو قيمة يضيفها للفن السعودي الذي طالما دافع عنه وقدمه وفق رؤيته في اصالته وتعبيره عن ثقافة وجمال وخصوصية.. رحم الله محمد السليم فقد كان كبيرا في حياته وبعد وفاته.