- لن ننسى ما شاهدناه في وسط القصف ومن قلب الفاجعة، حين يركض الأهالي باحثين عن أحبابهم في أروقة المستشفيات وغرف العناية ووحدات الطوارئ علهم يجدونهم أحياء، أو يبحثون عن أجزاء من أجسادهم بإمكانها أن تدلهم عليهم. وهناك، ركضت تلك الأم المكلومة، تسأل عن طفلها فيردون عليها بسؤال: ما شكله؟ فتجيب بصعوبة وهي تبكي: شعره كيرلي وأبيضاني وحلو!
- لن ننساه وهو ينظر مرتجفاً للكاميرا بتلك العينين البراقتين البريئتين محاولاً التماسك على الرغم من صغر سنه وقد غطت الرمال وجهه وجسمه. يحاول عقله البريء فهم واستيعاب ما حدث لكن الخوف والصدمة لا يسعفانه. يسأله المصور: إيش صار معك يا عمو؟ فتخونه الكلمات. فيسأله مرة أخرى: كنت نايم؟ فيومئ رأسه بالإيجاب! بعدين صار قصف؟ فيومئ برأسه مرة أخرى بالإيجاب! فيقول له: طب ليش خايف؟ خلاص خلص القصف؟ يحتضنه رجل فيجهش في البكاء أخيراً.
- ولن ننسى جملة «الأولاد ماتوا بدون ما يأكلوا!» ففي كل العالم تنزعج الأمهات عندما تتعبن في طهي وإعداد الطعام فينام أبناؤهن بدون عشاء، لكن في فلسطين تبكي الأمهات إذا مات أبناؤهن ورحلوا لخالقهم بدون أن يأكلوا!
- لن ننسى كلمات الطفلة «أنا بدي أشوف أخواتي» «كنت أتمشكل (أتشاجر) معهم. يا ربي سامحني. اليوم تمشكلت مع أختي» فقيل لها إن أختها ما زالت على قيد الحياة. فسألت غير مصدقة: عن جد؟ أختي سارة؟ قولي والله!
- لن ننسى توديع الأمهات لأبنائهن صباحاً بالقبل والأحضان وبكتابة أسمائهم على أيديهم كي يتعرفن عليهم لو قصفوا وأصبحوا أشلاء وأصبح من الصعب التعرف عليهم!
- أعلم أن أغلبنا رأى هذه اللقطات وأعادها مراراً وتكراراً وشعر بالحزن والقهر وبكى أو صلى ودعا لهلاك العدو المحتل، لكن مهما حدث فنحن جميعاً على يقين أن وعد الله حق وأن هلاك العدو قريب، وأننا لن ننسى!
- يا قوة القلب والإيمان بالله والصمود. يا رجال الله الأسود ونساءهم اللبؤات وأطفالهم الذين أصبحوا رجالا ونضجوا قبل أوانهم بكثير. ويا قلة الحيلة، يا ألم الروح ويا وجع القلب! يا غزة المنكوبة. يا غزة المغصوبة. نعم، غزة. وهل نستطيع أن نفكر إلا فيك يا غزة! وهل نستطيع أن نكتب الآن إلا عنك يا غزة؟ وعلى الرغم من الخونة، المتصيدين في الماء العكر، زارعي القلاقل والفتن، يبقى موقف المملكة وشعبها الأصيل ثابتاً منذ الأزل تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني المظلوم. وهذا ما أكدت وتؤكد عليه المملكة منذ بداية الاحتلال وحتى يسحب المحتل أذياله خاسئاً منهزماً بإذن الله.
- وهنا أؤكد، لن ننسى يا إسرائيل. لن ننسى ظلمكم وطغيانكم. مهما طوعتم الأعلام لصالحكم وكذبتم وزيفتم الحقائق، وحاولتم الظهور بلباس المظلوم وأنتم الظالمون الفاجرون حتى في ظلمكم. لن يصدقكم العالم. فما سلم من ظلمكم عجوز ولا امرأة ولا رضيع. ومهما مر من الزمن، لن ننسى يا إسرائيل مجازركم والدماء الطاهرة التي سفكتموها. ولن تستطيعوا محو فلسطين مهما حاولتم ومهما فعلتم.