- في وقتنا الـراهن من الطبيعي ان تتجاذب الفتيات الحديث عن أمور كثيرة، ولكن الحديث الـذي يغلب على اهتمام البعض هو الحديث عن ما يفترض انه أحدث صيحات الموضة خاصة مع حلول فصل هذا الشتاء، وتجد حديثهن يدور حول ماذا تكون أجمل حقيبة يدوية يمكن اقتناءها لـلـتباهي من الماركة الفلانية.. ويتباهى ذلك الشاب بأحدث إصدارا لجهاز متنقل اقتناه أول ما تم إطلاقه في الأسواق.. وتجد أننا أصبحنا في سباق محموم وركض منهك خلف كل ما هـو جديد من الملبوسات والمأكولات والمشروبات والأجهزة وغيرها من صيحات الموضة الجديدة .
- كثيرة هـي الـعوامل الـتي تساهم في زيادة الرغبة في التسابق نحو جديد الموضة .. وقد ساهم عدد كبير من مشاهير وسائل الـتواصل الاجتماعي، في الرفع من سقف وتيرة هـذا السباق، وفي الزيادة من توسيع رقعته، والمراد من ذلـك كله، الـوصول إلـى تميز عن الغير بأكبر قدر ممكن.
ولـلأسف، لا يعدو أن يكون هـذا التمييز المزعوم، إلا شكلاً ظاهرياً لا يتجاوزه إلى غيره، والسبب في ذلك بأنه سيزول بمجرد نزول موضة جديدة، أو ما يعرف ب «هـبة» أخرى تختلف عن سابقتها، وعند حدوث ذلـك، سيتحول هذا التسابق، إلى مرض حقيقي يصعب الخلاص منه، وتجد أن صاحبه ومن هم على شاكلته، هم الخاسرون في نهايته، بينما الـرابح الحقيقي، هـم الـتجار في الـعموم، كتجار الموضة والأجهزة والمطاعم وغيرهم .
- بالـنهاية .. خلاصة الـقول بأن «الـترك» علاج طبيعي.. وراحة داخلية دائمة، لـلـتخلـص من الانبهار ببريق الجديد المتوهج .. وهو مرحلـة من مراحل الـعلاج، المعينة على التخلص من الآثار الـسلـبية لـلـبحث عما هو جديد، وهو ما يمكن أن نعبر عنه، وصولاً إلـى الـدخول في مرحلـة من الاستشفاء، وذلك بالبعد عن الكثير من المثيرات، والمحفزات، كمجالسة التافهين أو متابعته السطحيين، الـذين همهم ملاحقة ما هو جديد والتسويق له .
- ومن المعلـوم كذلـك، أن الـنفس بطبيعتها في الغالب تحرص على اقتناء أمر ما، ثم ما تلبث أن تزهد فيه بمجرد الحصول عليه، لـذا فإن إتباع خطوات معينة مثل خطة الـتأجير والـتأخير في الحصول على بعض الأمور المحببة للنفس، يسهم في الـزهد فيها وصرف النظر عنها .
وكما قال الشاعر :
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا..
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا..
ففي الناس إبدال وفي الترك راحة..
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا..
فما كل من تهواه يهواك قلبه..
ولا كل من صافيته لك قد صفا..