تحل اليوم 30 أكتوبر 2023 الذكري 39 لافتتاح مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، إذ افتتحه الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- يوم 30 أكتوبر عام 1984، ليصبح أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف، ويمتد أثره الخيّر المبارك إلى وقتنا الحاضر.
ويُعد المجمع أحد أهم المعالم الإسلامية الحضارية التنموية المملكة، فهو يجمع بين نبل الرسالة وسمو الهدف والغاية، ويشرف بالعناية بالقرآن الكريم الذي هو كتاب الله تعالى، الذي يملأ الحياة إيمانًا واطمئنانًا وتفاؤلًا.
وهو الكتاب الذي خفقت له قلوب المسلمين واشرأبت له أعناقهم متطلعة إلى أن تنهل منه وتهتدي بما فيه، متلهفة ومتشوقة إلى تواصلها به، ناظرة إليه بين أيديها، تستمتع بتلاوته عبادة لله تعالى، وتسترشد بما فيه من الذكر الحكيم، مستلهمة أحكامه ووصاياه لقيام الحياة المستقيمة المطمئنة المنصورة.
إنجازات عديدة
ويقول وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع د. عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ: "كان إنشاء المجمع الملك فهد بن عبد العزيز، وافتتحه في عام 1405هـ، ليبدأ إنتاجه مباشرة، ويمتد أثره الخيّر المبارك إلى وقتنا الحاضر.
وأضاف: حقق المجمع خلال تاريخه إنجازات عديدة في مجال اختصاصاته، وفق ما أعد له من البرامج المعتمدة، والمواصفات العالية، خدمة لمصدر التشريع وأساس العلوم ومنهل الهداية.
مكانة رائدة ومرجعية فريدة
وتابع آل الشيخ: يعتلي المجمع اليوم المكانة الرائدة والمرجعية الفريدة للعناية بالقرآن الكريم، طباعة ونشرًا وخدمة لعلومه وترجمات معانيه.
ورغبة في التعريف بشيء من ذلك يأتي هذا الإصدار الموجز ليسلط الضوء على إنشائه وأبرز مكوناته العلمية والإدارية والفنية، وما حققه من إنجازات أبهجت كل المسلمين، وأدخلت على نفوسهم الفرحة والسرور، وقربتهم من كتاب رب العالمين.
واستطرد: تحقق هذا بفضل الله تعالى، ثم بما يلقاه المجمع من دعم مادي ومعنوي متواصل من قيادة المملكة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – حفظهما الله -.
طباعة المصحف بالروايات المشهورة
يهدف المجمع إلى طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وتسجيل تلاواته، وترجمة معانيه، والعناية بالبحوث والدراسات الأصيلة المتعلقة بعلوم القرآن الكريم.
وتقدر مساحته بـ250 ألف متر مربع، ويعد وحدة عمرانية متكاملة في مرافقها، وتتولى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الإشراف على المجمع.
أسلوب يتميز بالدقة
وفي المجمع مجلس علمي يعنى بدراسة الأعمال التي ترفع إليه من المراكز العلمية، والاطلاع على التقارير المعدة من قبل اللجان والجهات العلمية، لإبداء الرأي فيها.
ووضع المجمع على عاتقه طباعة القرآن الكريم بالروايات المتواترة وفق أسلوب يتميز بالدقة من مرحلة كتابته من قبل خطاط المجمع، إلى مرحلة مراجعته مراجعة علمية دقيقة، تشمل كل حرف، وكلمة فيه.
وتنهض بهذه المراجعة "اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية"، وتتفرع عنها لجنة الإشراف على المصاحف المرتلة (التسجيلات الصوتية) التي أشرفت على تسجيل طائفة من التسجيلات لمشاهير القراء.
نظام دقيق للمراقبة
وينفرد المجمع بنظام دقيق للمراقبة متعدد المراحل، وتشمل مراقبة الإنتاج كلًا من مراقبة النص والمراقبة النوعية والمراقبة النهائية، وتتعاون هذه الأقسام على المحافظة على سلامة النص القرآني، وضمان حسن الإخراج الطباعي.
وأما الشؤون العلمية فتشرف على مختلف المناشط العلمية للمجمع، ويتبعها مركز الدراسات القرآنية الذي يعنى بأعمال التحقيق العلمي لمخطوطات التراث القرآني.
كما ينظم الفهارس التي تسهل الإفادة منه، وينشئ المعاجم التي تعين على جمع المواد التي تقع ضمن هدفه المنشود، ويعد الدراسات الأصيلة المتصلة بعلوم القرآن.
ترجمة معاني القرآن الكريم
أما مركز الترجمات، فقد أنشئ إيمانًا من الوزارة بأهمية ترجمة معاني القرآن الكريم إلى جميع لغات العالم المهمة، تسهيلًا لفهمه على المسلمين الناطقين بغير اللغة العربية، وتحقيقًا للبلاغ المأمور به في قوله صلى الله عليه مسلم: "بلغوا عني ولو آية".
وأعد المركز مجموعة من ترجمات معاني القرآن الكريم تزيد على 72 لغة.
مركز البحوث الرقمية
وهناك مركز البحوث الرقمية لخدمة القرآن الكريم وعلومه، الذي يعنى بمراجعة ومتابعة الإصدارات الإلكترونية التي تحتوي على نصوص القرآن الكريم وتلاواته (المنتجة من قبل المجمع أو أي جهات أخرى).
وأيضًا منح شهادات المصادقة، أو التوصية بمنع النصوص المغلوطة منها، مع الحرص على توفير البدائل الإلكترونية المناسبة من البرامج الحاسوبية الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه، ونسخه الرقمية النصية والمرئية والمسموعة المطابقة لمصحف المدينة النبوية ومواكبة التطورات التقنية المتجددة في هذا المجال.
التقنيات الرقمية
وفي مجال التقنيات الرقمية، فقد أنجزت إدارة تقنية المعلومات في المجمع العديد من المشروعات والتطبيقات والبرمجيات والمصاحف الرقمية من بينها:
- تطبيق مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي، وتطبيق مصحف الخدمات الحاسوبية للقرآن الكريم وعلومه.
- قواعد بيانات المصحف الشريف.
- مشروع تحسين جودة خط مصحف المدينة النبوية.
- مشروع الصيغ الرقمية للمصحف الشريف.
- مجموعة من خطوط الرسم العثماني بمختلف الروايات، وأنجز المجمع حتى الآن 6 خطوط حاسوبية بالرسم العثماني لكل من الروايات التالية (حفص، وورش، وقالون، وشعبة، والدوري، والسوسي).
- تطوير مجموعة من الخطوط الحاسوبية التي تخدم الباحثين والناشرين وعامة الناس وتساعدهم على تلبية احتياجاتهم في كتابة البحوث والكتب وغيرها باللغة العربية باستخدام خطوط حاسوبية تتميز بحسن الخط وجمال التراكيب، ومن بين هذه الخطوط الحاسوبية ما يلي:
أ- خط النسخ - عثمان طه: وهو باكورة مجموعة الخطوط الحاسوبية التي أنتجها المجمع، وأحد أبرز الخطوط الحاسوبية العربية التي تتميز بجمال الأحرف والتراكيب.
ب- خط المدرجات: وهو خط حاسوبي مرادف لـ(خط النسخ)، يحتوي على مجموعة من العبارات والنصوص المتداولة في كتب التراث والحديث والسيرة النبوية.
ج- خط النسخ المنقط، وخط النسخ المفرغ: وهي خطوط حاسوبية مرادفة لخط النسخ الحاسوبي، موجهة لصغار السن، يستفيد منهما الأطفال في التمرين على تحسين الخط، وتعلم كتابة الأحرف والكلمات وتلوينها.