تعد قرية الكُمّل في مرتفعات جبال الهدا بمحافظة الطائف؛ من القرى الجميلة التي تحيط بها الجبال من كل جانب، وتشتهر ببساتينها الخضراء والأفلج التي تسقي الأشجار، وبتراثها العريق الذي تحكيه حاراتها القديمة ومبانيها الأثرية.
وتقع قرية الكُمّل على جبل دليم، الذي يتوسط مركز الهدا، بالجهة الشرقية، ويعود تاريخها لأكثر من 500 عام، وتمتاز بترابط مبانيها كونها النموذج المعماري الفريد للعمارة الحجرية الصلبة الصماء، حيث تحتوي على مسجد في قلب القرية، وساحة للاحتفال والاجتماعات الرسمية، وكذلك موقعها على طريق حجاج اليمن، وهذا ما جعلها مركزاً واستراحة لقاصدي بيت الله الحرام وسقياهم.
ترابط وتلاحم
شكلت قرية الكُمّل في هدا الطائف مثالاً للترابط والتلاحم في العصر الذي أنشئت فيه على امتداد جبال السروات، وتقارب مبانيها بشكل فريد ميزت أهالي القرية عن غيرهم، إذ تنقسم المنازل لمساكن مبيت وضيافة، ومخازن للحبوب والغذاء، وقاعات رئيسة للاجتماعات، حيث توزع الفن المعماري للقرية بعددٍ من الحارات سميت بأسماء العوائل التي سكنتها، واحتضانها لبئرٍ وعين خاصة لسقيا المزارع والنباتات والشجيرات العطرية كالريحان، والشذاب، والشار، والحبق، والبردقوش، وأشهرها الورد الطائفي.
وتشتهر قرية الكُمّل بفن المجرور الشعبي الأصيل، وهو الفن الذي يمتاز بإيقاعات ذات تنوع رائع، إذ برع أهلها في إتقان رقصاته، وأصبح إحدى الفنون المنتشرة على مستوى المملكة، الذي تدل مفرداته على التحية والترحيب بالضيف، ويعتمد على اللعب الجماعي في تشكيل الصفوف، ويمتاز بإيقاعات مختلفة، حيث ارتبط فن الجرور بقرية الكمل، ارتباطاً وثيقاً بأبنائه منذ أمد بعيد، وأصبح ذا مدلول عريق في محافظة الطائف، ولا تكاد تخلو المناسبات الوطنية و الأفراح والأعياد إلا وكان فن المجرور حاضراً ومتصدراً لأحياء لياليهم.