أكد عضو جمعية الفلسفة السعودية سالم الثنيان، أن العديد من الفلاسفة حول العالم تساءلوا حول تأثير نظرية النسبية على مفهوم الزمان، وقلب الفيزياء الكلاسيكية وتأثيرها على المفاهيم الفلسفية.
جاء ذك في محاضرة بعنوان: (علاقة العلم بالفلسفة.. نظرية النسبية لأينشتاين أنموذجا)، نظمتها جمعية الفلسفة السعودية بالتعاون مع الشريك الأدبي مقهى بنشاي في حائل، احتفاء باليوم العالمي للفلسفة، وبدأ الثنيان محاضرته بأوجه التشابه والاختلاف والتكامل بين الفلسفة والعلم.
تأثير العلم على المفاهيم الفلسفية
وقال إن داخل كل عالم، فيلسوف نائم، ولذا كان آينشتاين (1879 - 1955) مدركًا لجرأة عمله، في 4 شباط 1917 كتب إلى صديقه بول أهرنفست يقول إنه: "اقترف شيئًا ما بخصوص الجاذبية، ما يعرضه لخطر إرساله إلى مصح عقلي وسجنه فيه".
وكانت الصحف العالمية تعنون في صفحتها الأولى: (ثورة في العلم. نظرية جديدة للكون. أفكار نيوتن مقلوبة)، وخلال إقامة آينشتاين في باريس لتقديم محاضرة في عام 1922، كررت الصحف هذه اللازمة: (انتهى الزمان!)، (الزمان غير موجود)، (الزمان وهم)، (الزمان ليس سوى حلم).
ويرى الثنيان: هذا يدل على الاهتمام الملحوظ بالتأثير الممكن للعلم على المفاهيم الفلسفية والوجودية الأساسية. الصحف لم تكن وحدها تأخذ على محمل الجد النتائج المحتملة لنظرية آينشتاين للنسبية على الفكر البشري.
وتشكل نظرية (النسبيَّة) لأينشتاين تجاوزًا حاسمًا لفيزياء (نيوتن)، لكن اللافت للنَّظر أنها أحدثت تغييرًا هائلًا في غير مجالها الأصلي (الفيزياء الرياضية)، وكان ذلك التغيير عبارة عن توسيع لدائرة الوعي في رؤيته للحياة والأحياء والقيم والسلوكيات، بأثارها السلبية والإيجابية.
الخلط بين الرياضيات والفيزياء
وأضاف الثنيان: أحيانًا يخلط العامة بين اللغة المهيبة للرياضيات، والتي يجري تطوير الفيزياء بها وبين الأفكار الشاملة التي تتناولها الفيزياء.
وقال: عند إزاحة حواجز الرياضيات، يجري التعبير عن مفاهيم الفيزياء الحديثة بلغة مألوفة بحيث يستطيع الجميع قراءتها وفهمها إلى حد ما، لا سيما أن دمج اكتشافات العلم تحتاج إلى وعي وجهد وإلمام من قبل المهتمين بالثقافة والأدب لاستثمارها في مجالات عديدة بالمسرح والرواية والسينما لإنتاج أعمال ذات مغزى وتأثير.
وبين: ولا يزال معظم الناس غير ملمين بشكل كامل بالنظريات الحديثة كالنسبية والكم، والتي نقلت البشرية نقلة نوعية في كافة المجالات مقارنة بالفيزياء الكلاسيكية.
نظرية النسبية
وأكمل: تتسم نظرية النسبية بأن نطاقها شديد الاتساع، فهي مبحث شاسع وعميق يرتكز على العديد من الاكتشافات المحورية في الفيزياء والقوانين التي تحكمها، من الكوارك داخل الذرة وحتى المجرات العظيمة. وعلى الفهم المتطور للمكان والزمان ومحاولة الإجابة عن أعمق الأسئلة الفلسفية التي طرحت على الإطلاق.
وأشار إلى أن ما حصل في القرن العشرين، بعد ظهور نظريتي الكم والنسبية على مسرح الحياة، أخذت العلاقة ببين العلم والفلسفة منعطفًا جديدًا مختلفا، فقدمت الفيزياء مسائل حول الواقع والوعي والمعرفة ولدت حراكًا كبيرًا عند الفلاسفة، وجعلت العقل الفلسفي العلمي يبحث في كثير من المسائل بصورة جديدة في الفكر البشري.
وزاد: كان العلم والفلسفة التجريبية منسجمان يتحدثان لغة واحدة، لكن هذا الانسجام لم يصمد بعد اكتشاف نظرية النسبية لآينشتاين والفيزياء الحديثة عمومًا، لقد وضعت الفيزياء الحديثة الفلسفة أمام هزة أبستمولوجيا كبرى، حتمت الخروج بفلسفة ذات تصور مختلف قائم على الحوار بين التجربة والعقل كما يرى الفيلسوف باشلار.
