@DrAlghamdiMH
n حتى تتحقق إجابة كيف يكون المطر مضرا بخسائر لا يمكن تعويضها؟، ولأهمية الموضوع، ولخطورة النتائج، وصلت بكم المقال ال6 ، الأمر يتجاوز التأثيرات البيئية ليطال وجود الإنسان، تهديد كامل لمستقبل الحياة في مناطقنا الجبلية المطيرة محاور الإجابة تتعدد. تأخذ أكثر من محور. علينا دوما واجب استحضار سلامة المستقبل كغاية، لخدمة أجيالنا القادمة. ما نزرعه اليوم سيجنيه المستقبل.
nويستمر حديثي عن المطر وتحدياته. أحد المؤشرات (العلمية) المهمة التي تنبئ بخطر التصحر ومحاذيره، هي انهيار النظم المائية والزراعية التقليدية. وهذه حقيقة محور الحديث منذ بداية سلسلة هذه المقالات العلمية. ما علاقة هذا بالمطر وهو نعمة ورحمة؟
n المدرجات في مناطقنا الجبلية المطيرة جنوب غرب المملكة، في ظل إهمالها تتعرض للزوال الأبدي، بفعل نزول الأمطار. هذا يعني تأكيد قدوم التصحر على المدى الطويل غير المنظور. كيف يصبح نزول المطر مؤشر على التصحر؟ سؤال يغيب عن البعض جهلا أو تجاهلا. ونتيجة لذلك تغيب إجابته كمسؤولية بيئية وطنية.
n لتلافي التصحر ومؤشرات خطورة المطر، كان على كل الأجيال محاربة التصحر والقضاء على مؤشراته أولا بأول. وقد كافحه وحاربه الآباء بشتى الوسائل وجحوا في تقليص مخاطره بعد استيعابها، بمهارات تطبيقية وأخرى اجتماعية. وجودهم لم يكن عشوائيا، كانت وظيفتهم حماية البيئة بمهارات علمية أثبتت جدوها وفاعليتها عبر القرون.
n اجتماعيا وصل بهم الأمر حد اعتبار بيع المدرجات الزراعية مسبّة قاسية مدى الحياة. بيعها مؤشرا على التقاعس، وعدم بذل ما يكفي من جهد للحفاظ عليها. وزيادة في التنكيل، جعلوا الأبناء يرثون المسبّة. لا بديل لغيرها في حال بيعها لندرة التربة التي تحتويها هذه المدرجات. حتى عدم العناية بها وتركها مهملة يمثل في معاييرهم أحد عيوب قاصمة ظهر الرجال. عندهم ليس أمام الفرد إلا خيار خدمتها، وهذا شرف وعزّة.
n جهود تراكمية عبر القرون، شيدت المدرجات المعلقة على سفوح الجبال بحجر على حجر. بجانب جهود أخرى مضنية عملت لتجميع التربة، ونقلها على ظهور الدواب، وتوطينها على سفوح الجبال الصخرية في بطون هذه المدرجات. عمل شاق تطلب جهدا تراكميا لأجيال عديدة. بنوها بسواعدهم وعرقهم تعزيزا لاستدامة حياتهم في بيئتهم.
n جعل الآباء المدرجات أوعية مستدامة لحمل التربة الزراعية (المدر). جعلوها حدائق معلقة على سفوح الجبال شديدة الانحدار. جعلوها إنجازا لا يقدر بثمن. جعلوها أعجوبة في إدارة البيئة واستثمارها. جعلوها جهد تتوارثه الأجيال بالعناية والاهتمام. أخيرا وصل إلينا، نحن الجيل الذي هجرها منذ سبعينيات القرن الميلادي الماضي، وذلك مع بداية الطفرة الأولى الشهيرة عام (1975). تركناها تتهدم للضياع في غياب قراءة خطورة النتائج على البيئة ومستقبل الأجيال القادمة.
n قضوا على مخاطر المطر وتحدياته. جعلوه حيا هو الأخر من خلال تعظيم منفعته وحسن إدارته. المطر ينزل من السماء بشكل لا يستطيعون التحكم في كمياته، لكنهم يفرحون ويعملون من أجل تحقيق زيادته، لأنهم سيطروا على مخاطره وتحدياته. تحكموا في إدارة تجمعات مياه الأمطار بكفاءة عالية. جعلوا منافع مياه الأمطار عامة. نجحوا في إدارتها، واتقان مهارات تفعيل منافعها. جعلوا المطر نعمة، وعظموه منافع لهم كبشر وللبيئية ولشركائهم في الحياة.
n برعوا في إدارة مياه الأمطار وعالجوا تجمعاتها الخطيرة. مهارات عظمت منافعها إلى أقصى حد. برعوا في إدارة السيول لحماية بيئتهم من مخاطرها. استطاعوا توجيهها إلى مصبها الأخير منفعة لصالح بيئات أخرى بعيدة.. ويستمر الحديث بعنوان آخر.