يرجع تاريخ الجمعة السوداء إلى عام 1869 وأزمة الكساد التجاري في الولايات المتحدة التي تأثر بها اقتصادها الوطني، لذا تدخلت الحكومة لإيقاف الخسائر ما أدى إلى انخفاض كبير بالأسعار، ما اضطر العديد من التجار لعرض منتجاتهم وسلعهم بأسعار مخفضة جداً لحمايتها من الكساد والابتعاد عن الخسارة قدر الإمكان.
ومنذ ذلك اليوم أصبحت التخفيضات الكبيرة تقليدًا في أمريكا للمتاجر الكبرى والمحال والوكالات، وقد تصل إلى 90% من قيمتها، وبعد انقضاء الجمعة السوداء تعود إلى سعرها الطبيعي.
وأما تسمية اليوم فيرجع إلى كتابة الأرباح بالحبر الأسود، بينما الخسائر تكتب باللون الأحمر في دفاتر المخصصة للحسابات، ويتحفظ المسلمون على تسمية الجمعة بالسوداء، لما يمثل يوم الجمعة من فضائل وشعائر، ولذلك أطلق عليها الجمعة البيضاء.
الجمعة البيضاء
بالرغم من أن الحدث منتشر في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول العالم، إلا أن مواقع التسوق الإلكتروني العربية بدأت سنة 2014 بإطلاق يوم الجمعة البيضاء بالمتاجر الإلكترونية، خصوصاً موقع أمازون وأطلق عليه اسم "الجمعة البيضاء"، وتم اختيار اللون الأبيض بدلا من الأسود.
"الجمعة البيضاء" أهم الأيام تجاريًا في أمريكا وأوروبا، ويوافق يوم الجمعة الذي يأتي عقب "عيد الشكر" الأمريكي والذي يصادف آخر يوم خميس من نوفمبر، في كل عام، إذ تقدم فيه المتاجر خصومات كبيرة لعملائها الذين ينتظرون هذا اليوم كل عام.
عروض الجمعة البيضاء
يترقب العديد من المستهلكين العروض التي تنشط خلال الجمعة البيضاء، لاقتناص الفرص الشرائية، مع الخصومات التي تنشط خصوصاً في المتاجر الإلكترونية، والذي قال المختصين خلال حديثهم لـ"اليوم"، إن حجم السوق الإلكتروني أكثر من 43.2 مليار دولار أمريكي.
وقال الأكاديمي المتخصص بالتسويق وسلوك المستهلك د. أحمد بن سهيل عجينة، إنه في أوائل الستينيات من القرن الماضي انتشر مصطلح الجمعة السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية، ويطلق على يوم الجمعة الذي يلي عيد الشكر، وهي آخر جمعة من شهر نوفمبر.
وتابع: سميت بالسوداء نظراً لكثرت الازدحامات المرورية والطوابير الطويلة، وكان أول من أطلق المصطلح شرطة فيلاديلفيا عام 1960، لكثرة الفوضى في هذا اليوم. ويعد اليوم فرصة تسويقية كبيرة للشركات والعلامات التجارية لزيادة مبيعاتها وتقديم عروض تجارية وتخفيضات عالية بسبب زيادة إقبال العملاء على الشراء وقرب نهاية السنة المالية.
أوضح: لخصوصية يوم الجمعة لدى المسلمين والمجتمعات العربية بدأت مواقع التواصل الاجتماعي بالترويج لاستخدام مصطلح الجمعة البيضاء بديلاً عن السوداء في عام 2014 بالمملكة العربية السعودية، وبدأ بعدها المصطلح بالانتشار في العالم الإسلامي بشكل واسع حتى أصبح أكثر قبولاً لدى العرب والمسلمين من المصطلح الأصلي.
بين "عجينة"، أنه دائماً ما تعد المواسم بشكل عام فرصة سانحة للتجار لتسويق بضائعهم وعرضها بشكل جاذب للمستهلكين، قائلًا: "التاجر الذكي يجيد الاستفادة من المواسم من خلال فهم سلوك المستهلك لتعزيز علامته التجارية وزيادة مبيعاته وزيادة ولاء العملاء لمتجره وتحقيق تفاعل أكبر مع العملاء وبالتالي تحقيق أرباح أكبر".
وأضاف: "تعد الجمعة البيضاء فرصة كبيرة للتجار حيث أن مبيعات الجمعة البيضاء في العالم العربي للعام الماضي قاربت 6 مليارات دولار، وهذا الرقم يعد أكبر من مبيعات عام 2021 بمقدار 30% تقريباً. وفي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تمت هناك أكثر من 180 مليون عملية شراء عبر الإنترنت وفي المتاجر في يوم الجمعة وإجازة نهاية الأسبوع التي تليه بمتوسط 300 دولار لعملية الشراء الواحدة".
أسعار مغرية
تابع عجينة: "المستهلكون فلديهم فرصة سانحة في استغلال الموسم لاقتناص العروض المناسبة والحصول على المنتجات والخدمات التي يرغبون بها بأسعار مغرية وبخدمات إضافية، لكن على المستهلكين دور مهم في اختيار المتاجر الموثوقة وعدم الاندفاع وراء الأسعار المغرية دون التأكد من مصدر المعلومات أو وجود حاجة حقيقية لشراء المنتجات"، مبيناً أن المواسم تخلق حركة اقتصادية كبيرة من خلال وجود عمليات بيع كبيرة على قطاعات متنوعة في الاقتصاد الواحد، خصوصاً في دورة الاقتصاد المغلق والاقتصاد الإنتاجي.
وأوضح: "غالباً ما تساهم التخفيضات في زيادة إنفاق العملاء على شراء منتجات تكميلية والاستهلاكية بشكل كبير، ما قد يساهم في تحديات على المستهلكين في الفترات القادمة، خصوصاً مع انتشار خدمات الدفع الآجل والدفع بالتقسيط. لذلك يجدر الاهتمام بتوعية المستهلكين بتحديد أولويات الشراء الميزانيات المخصصة للشراء في الموسم، وتحديد المنتجات التي يرغبون بها بشكل مدروس وليس فقط استجابة للعروض الترويجية".
وشدد "عجينة"، على المستهلكين ضرورة الاطلاع على الأسعار بشكل مسبق للمواسم لمعرفة الأسعار الحقيقية قبل التخفيض ومدى جدوى التخفيضات. وعدم الشراء إلا من المواقع المعروفة والتأكد من خصائص المنتجات وصفاتها والأسعار النهائية لأن بعض المواقع تقوم بإضافة رسوم إضافية على المنتجات. وأخيراً أهمية التأكيد من الضمان وخدمة الإرجاع ورسوم التوصيل لهذه العروض.
الجمعة البيضاء
أوضح المستشار الاقتصادي، د. لؤي الطيار، أن الجمعة البيضاء تقدم فيها كبرى الشركات العالمية تخفيضات لعملائها على جميع المنتجات، لجذب المستهلكين والشراء من خلال المواقع التي أصبحت نوعاً ما أرخص سعراً من المعارض والمحلات التجارية.
وقال: "يطلق عليه الجمعة البيضاء بما يتماشى مع قيمنا لأن يوم الجمعة بالنسبة لجميع المسلمين والعرب يوم فضيل وعظيم من الله، واليوم أصبح المجتمع أكثر وعياً بسبب الانفتاح التجاري والاقتصادي العالميين بسبب التجارة الإلكترونية، التي سهلت للمستهلك الشراء والتنوع في الاختيار من المتاجر، واليوم يبلغ حجم السوق الإلكتروني أكثر من 43.2 مليار دولار أمريكي".