شاع في الآونة الأخيرة مصطلح »إكسسوارات المساجد« كناية عن كل ماتم إدخالـه من عناصر أثاث أو مقتنيات، اما علـى ارضية المسجد، أو مايتم تعليقه على جدرانه. وربما كانت عناصر الأثاث (ثابتا أو متحركا) أهم تجلـياتها. إن مصطلـح »إكسسوارات« قد اسنخدم في غير مكانه. انه ترجمة عربية لـكلـمة ACCESSORIES)(وهو يعني ببساطة ملحقات اضافية تستخدم لـلـزينة في اغلـب الاحوال. غير أن اغراق المساجد بهذه المقتنيات وخصوصا بالـكراسي قد بلـغ درجة تجاوز معها المصطلح معناه.
- الأصل في شعيرة الـصلاة الجلـوس علـى الأرض وهذا لـه معناه الـدفين. ان الجلـوس علـى ألأرض وملامسة المصلـي لـها بجوارحه يذكر الأنسان بأصلـه (منها خلـقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، الأسراء 52 ). الجلـوس علـى الأرض جوهر الـشعيرة ولـبها والمغزى منها. الجلـوس علـى الارض فيه مساواة لـكل المصلـين فالـكل سواسية امام الخالق تماما كما هو حال اركان الاسلام الاخرى من حج وصوم وزكاة، وهكذا كانت بيوت الله منذ مسجد الرسول (صلعم) في المدينة وحتى يومنا هذا.
- الـكرسي او الـتكية يفقد صاحبها لذة الشعيرة والاحساس بجوهرها وفهم معناها. اضف الى ذلك فان من واجبات الصلاة الـسجود علـى الأعضاء السبعة وهذه منتفية لمن لا يجلس على الارض. ومن ناحية اجتماعية لـها مغزاها كانت الـعرب ترى في من ينفرد ويعلـو بكرسي أو ماشابه على بقية المصلين أمرا غير محمود. - من المعروف سلفا ان ارضيات المساجد تخلـو من كل شيء باستثناء رفوف المصاحف التي لايشكل وجودها اي عائق او يترتب عليها اي ارباك وظيفي أو بصري للمصلين (وان كان يحبذ من ناحية معمارية ان تكون هذه الـرفوف في جدران المسجد او علـى حواف الأعمدة). والـشيء ذاته ينطبق على المساند الموازية لـصفوف الـصلاة اذا تجنبت المبالغة في عددها وارتفاعها غير ان الـصفوف الأولـى في بعض المساجد قد تحولـت في الآونة الأخيرة الـى مايشبه مثيلاتها في المجالـس او الاستراحات او الـقصور وهنا زال الـفارق بين المسجد وهذه الابنية.
- ان من غايات خلو المسجد من اي عنصر مادي هـو افساح المجال للمصلين لكي يعبروا عن وحدتهم وتساويهم في كل شيء وهو امر في صميم العقيدة. هذه الكراسي والجلسات (والكنبات ان شئت) تفرض علـى من يجلس علـيها لـغة جسد خاصة به.
وعندما تتأمل كل ذلـك ولـغة الأجساد هـذه سرعان ما تنتفي الغاية الحميدة من خلو المسجد من اي عنصر اثاث. هـنا تنتزع الـقدسية من المسجد ويتحول الـى اي بناء آخر الا ان يكون مسجدا.
- قد تبدو بضعة كراسي في طرف المسجد امرا غير ذي شأن.
غير أن التاريخ يعلمنا بان تكرار بعض الممارسات وان بدت صغيرة قد يفضي في النهاية الى شيوعها مما يهدد في نهاية المطاف بساطة أداء الشعيرة والغاية منها. - ماتحتاجه المساجد الـيوم لـيس اكسسوارات مهما صغر حجمها ولا كراسي أو عناصر أثاث. المسجد هو خلوة للفرد مع خالـقه ضمن جماعة المصلـين.
وبطبيعة الحال لا أحد يشكك في جواز الجلـوس علـى الكرسي في المسجد لمن هو بحاجة لذلك فالاصل في الـشيء الاباحة غير ان انتشارها اصبح ظاهرة تشوه بصري داخل المسجد وهو مايجب معالجته بطرق تمكن محتاجيها من استخدامها من دون الأخلال
بعمارة المسجد وقدسيته.
* أستاذ العمارة والفن بجامعة الأمام عبدالرحمن بن فيصل