@DrAlghamdiMH
n هذا الـتساؤل بهدف خلـق صدمة نافعة، تعزز موضوع هـذا المقال السابع عن المطر، وتحدياته، فالـبيئة تجعل سحب الـسماء تجفل وتتبدد، أو تستدرها مطراً بفعل عوامل متعددة، أهمها كثافة الغطاء النباتي، المطر ينزل طبيعياً إذا تحققت عوامل هـطولـه، لكن الاستمطار يعني استدرار السحب وجعلها تدر المطر بفعل غير طبيعي .
n مع الاستمطار يستغني الإنسان عن دور الـعوامل البيئية بوسائل صناعية لاستدرار السحب، إجراء في ظاهره إنجاز يحاكي الطبيعة، لكن هناك محاذير تحمل خطورة، ثبت علميا بأن أي شيء يحدث غير طبيعي بفعل الإنسان بيئياً، ينتج عنه تحديات ومخاطر سلبية، السؤال: كيف تكون خطورة الاستمطار كفعل غير طبيعي على المدى الـقصير، وأيضا الـطويل؟ كنتيجة جاء العنوان: هل هو نعمة أم نقمة؟
n الاستمطار سيكون نقمة على المناطق الجبلـية المطيرة جنوب غرب بلدنا السعودية حفظها الله، الحديث منصب على هـذه المناطق المطيرة الباردة والمرتفعة عن سطح الـبحر بأكثر من 2000 ) ( متر، خاصة شريطنا المطير في قمم هذه الجبال، بعرض لا يتجاوز (10 ( كيلومتر.
إذا كان ماء المطر الـطبيعي n
(حاليا) يقوم بجرف التربة النادرة لهذه الجبال، وبشكل متسارع، فإن الاستمطار يزيد من تفاقم مشكلة جرف هـذه الـتربة، ونتيجة لذلك ستزيد وتيرة سرعة تصحرها سنة بعد أخرى، هـناك أيضا تحديات سلبية أخرى متعددة .
n أيها الأخوة.. نحن أمام حضرة جناب (الحجر)، أصبح لمقامه شأن وأهمية و وظيفة في شريطنا المطير بجهد أجيال مضت، عليه قامت حضارة منظومة المدرجات على سفوح الجبال، لتشكل أوعية اصطناعية لحفظ الـتربة عبر الـقرون، الـغاية منع خطر مياه الأمطار علـى هـذه الـتربة، أيضا العمل على تعظيم استدامة نفعها، وثقت ذلـك ببحث علـمي أنجزته عام «1995» بعنوان : «ممارسات صيد مياه الأمطار في المناطق الجافة، دراسة حالة التراث المهاري لأهالي بلاد غامد وزهران في المملكة العربية السعودية» ، جميع مناطق الجنوب الـغربي تشترك في هـذا الـتراث المهاري المائي، لـكن جاءت الدراسة لأسباب منها معرفتي أكثر ببيئة هذه المنطقة المطيرة في حينه.
n وثقت وجود أنظمة مائية سائدة عبر الـتاريخ لإدارة مياه الأمطار في هـذا الـشريط المطير، تناولـتها بشيء من الـتفصيل في كتابي بعنوان : « كيف نحول المطر إلـى مخزون استراتيجي؟ بناء المستحيل » .
n ساهم هـذا الـتراث المهاري المائي، في إنقاذ شريطنا المطير منالتصحر بسبب جرف وضياع تربته، نجح الـذين مضوا في هـذا الأمر، بكفاءة عالية ودقيقة، هـذا كان في ظل تفرغ الإنسان لإدارة البيئة، كان يعيش من أجل خدمتها، وتحقيق استدامة حياته على أديمها، لكن الأمر حاليا تغير واختلف.
n جفل الناس من البيئة المطيرة وكانت الخزان البشري عبر التاريخ، تغربوا في مناطق أخرى، بلـغت قمتها مع الطفرة الأولى التي بدأت عام «1975» . نتيجة لـذلـك تلاشت المهارات من الأجيال، لـكن بقي معالمها علـى الأرض تنبئ بأسرار مهارات حضارة الـرمق الأخير، سادت لخدمة البيئة، وقامت على محور إدارة مياه الأمطار.
n كان إنسان هـذه الـبيئة هـو الوعاء الحامل لهذا التراث المهاري المائي، لكن مع غيابه موتا أو هجرة، بدأت منظومة المدرجات تتهدم بفعل الأمطار الطبيعية، وكنتيجة أصبحت التربة تدفع الثمن، حالياً تجرف مياه الأمطار حضرة حجرها والمدر في ظل تعاظم الإهمال وغياب مسؤولية أهلها والجهات المسؤولة.
n الخلاصة أن الإهمال، سيتفاقم جرف الـتربة وهدم المدرجات، وسيسوء الأمر أكثر مع الاستمطار الاصطناعي، في نهاية المشهد ستصبح البيئة المطيرة خالية من الـتربة، عندها ماذا سيكون نفع المطر والاستمطار، هـل ستنمو الصخور وتثمر؟ ويستمر الحديث عن المطر وتحدياته بعنوان آخر.