في رحلة ثقافية تعكس جوهر وإبداع فناني الخليج العربي، وتعزيز التفاهم الفني الثقافي بينهم، يقيم معرض نايلا للفنون بالرياض، المعرض الفني "تلاقي" والذي يجمع 20 فنانًا وفنانة من دول مجلس التعاون الخليجي، لتلتقي التقاليد بالابتكار والابداع، ويتشابك التراث مع الحداثة، لترنو أصوات الخليج في زوايا المعرض عبر الأعمال الفنية الاستثنائية التي يقدمها.
التقت "اليوم" خلال جولتها في المعرض عددًا من الفنانين المشاركين، تشارك الفنانة التشكيلية الشيخة مريم بنت حمد آل خليفة بأربع لوحات بورتريه تجريدي تجسد "المرأة" التي تلهم الفنانة وتقول حول ذلك: تلهمني المرأة لأنها تحمل مشاعر وأحاسيس ولا تخلو من التميز، فهي رمز الحب والوصل والحياة والأمومة، كما أقدمها بالفن التجريدي حيث التزم بفكرة الأشكال وطريقة التعبير عنها وكيفية إدراج الالوان بحكمة في اللوحة لعمل الوزن اللوني.
ترسيخ مسيرة العمل الثقافي
وترى آل خليفة أهمية إقامة معارض تجمع فناني الخليج؛ ليعكس بذلك تطلعات وآمال الفنان والمثقف الخليجي نحو ترسيخ مسيرة العمل الثقافي المشترك، ودعم وإطلاق طاقاتهم واكتشاف مواهبهم وتفعيل أهداف الاستراتيجية الثقافية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
حيث ترى الفنانة التشكيلية أن الفن يمثل مادة للتغيير والتعبير، فهو وسيلة فعالة ومؤثرة للمشاعر والأفكار والأفعال، ويؤدي دورا هاما داخل المجتمعات، ومهما في حياة الأفراد. وتقول: اشتهر تاريخ الفن بدراسة العمل الفني، خلال تطوره التاريخي، والاسلوب، واختلف فيه المتذوقون والنقاد والمؤرخون الأكاديميون، إذ لكل منهم نظرية في الفن والجمال، كما اهتمت فلسفة الفن منذ بدايتها بتوضيح المعاني المقصودة في الفن، مثل التعبير والشكل والمعنى والرمز والصورة والتجريد.
الذاكرة والمخزون البصري الفني
من جانبه ذكر الفنان البحريني زهير السعيد أنه يشارك بـ3 أعمال فنية من سلسلة "بين بحرين"، والتي تناقش قضية البحر في ذاكرته كطفل، إضافة للقضايا البيئية وبمصير الكوكب والحفاظ على مياه المحيطات، فتناولت هذه الأعمال البحر في ذاكرة السعيد كطفل وكيف أنه كان الملاذ الآمن، وجميع الذكريات السعيدة المرتبطة بالبحر، وصولًا إلى وقتنا الحالي والتراجع في الحفاظ على السواحل والمحيطات واعتداءات البشر عليها، من تلوث بيئي وغيره.
وأكد أن نشأته على قرية ساحلية جعل "البحر" يشكل مساحة كبيرة في ذاكرته ومخزونه البصري، مستعينًا به في تنفيذ أعماله الفنية، وتوصيل مشاعره من خلال التقنيات المستخدمة في العمل وخلط الألوان المائية بالزيتية والأكريليك، محاولًا إضافة عنصر الدهشة والمفاجئة وخلق التفاعل لدى الجمهور حين تلقيهم للعمل.
وعبر السعيد عن سعادته بمشاركته مع فناني دول مجلس التعاون، ويقول: "يجب أن يكون لدينا مزيد من التعاونات والتواصل واللقاءات مع فناني دول الخليج، واليوم الرياض متصدرة للمشهد الفني في منطقة الشرق الأوسط، فمن الجميل أن ننطلق كوحدة خليجية من الرياض ونناقش قضايانا الفنية، وخلق تبادل ثقافي، مما يؤدي لمشاريع مستقبلية تعزز المشهد الفني على مستوى العالم".
ويضيف: "الفن الخليج فن قدير ومتأصل ويحمل تجارب مميزة تنافس التجارب العالمية، ويجب علينا لفت النظر لذلك من خلال المشاريع والتعاونات الفنية المشتركة".
تجربة فنية مختلفة
ومن السعودية يشارك الفنان محمد الأسمري بثلاث أعمال تحمل ألوانًا من الطبيعة ومتأثرة بالرسم الطفولي أو المسمى بـ"الفن الفطري"، وأشار الأسمري أن أغلب أعماله الفنية تتميز بالتجريد، مستخدمًا فيها عناصر بسيطة تعطي إيحاء بموضوع أو فكرة معينة، مثل الطبيعة أو بعض الأشخاص، ولكن بشكل تجريدي مطلق.
كما يحاول الأسمري أن يضيف تأثيرًا بيئيًا مستلهم من الطبيعة في أعماله من خلال طريقة التلوين وتقشف اللون وألا تكون الألوان ناصعة. وفي معرض تلاقي تحمل الأعمال المشاركة الطابع الطفولي، ويوضح أن هذا الفن يعتمد على طريقة التلوين والخطوط، وأن يفكر الفنان بطريقة تفكير الطفل حين يرسم لوحة، من ناحية العشوائية والكثافة اللونية، وتكوين العناصر من وجهة نظر الطفل ورؤيته.
ويضيف: "توجهت لهذا النوع من الفن بحكم عملي مع أطفال التوحد كوني متخصص في التربية الخاصة، ودائمًا ما أشعر أن ما يخرج منهم مختلف وغير مألوف، وحاولت أن أمارسه وأطوره كتجربة فنية".
وأكد الأسمري أن مثل هذه المعارض مهمة لخلق فرص تعارف بين فناني الخليج والعالم العربي، وخوض النقاشات الفنية، واستعراض الأعمال الفنية والحديث حول تفاصيلها ومناقشة سلبيات وايجابيات العمل للاستفادة من خبرات الفنانين.