- قلت ذات مرة في مقال: مع إننا مسلمون، لكن في أحايين كثيرة أشعر أننا ببعض السلوكيات نبتعد قليلاً عن روحانية الإسلام، ذلك أننا نعرف الأحاديث ونقرأ الآيات لكنها لا تتجاوز حناجرنا ولا تتسرب أهدافها السامية وقيمها العالية إلى إدراكنا.. فنردد النصوص، ونتباهى بحفظها دون تطبيق حقيقي لجوهرها، روى الطبراني أن «جَريرًا» أمر مولاه بأن يشتري له فرسًا؛ فاشترى له فرسًا بثلاثمئة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمئة درهم، أتبيعه بأربعمئة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبدالله. فقال: فرسك خير من ذلك، أتبيعه بخمسمئة؟ ثم لم يزل يزيده مئة مئة وصاحبه يرضى، وجرير يقول: فرسك خير.. إلى أن بلغ ثمانمئة درهم، فاشتراه بها، فسئل ما سبب ذلك، فقال: جرير بن عبدالله البجلي: إني بايعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وَالنُّصْحِ لكل مسلم»، هل رأيتم نصيحة أطهر من هذه النصيحة؟ وهل شاهدتم صورة نقية كهذا النقاء؟! * جملة « فرسك خير من ذلك».
- رسالة للشريطية وأصحاب معارض السيارات ممن يخدع بائع سيارة لا يعرف «السوق» فيشترونها بنصف ثمنها الحقيقي,, غيبوا جملة «النصح لكل مسلم»، * عبارة «فرسك خير من ذلك»،خطاب لكل مقاول يظن نفسه «يتذاكى» على مبتدئ يجهل أبجديات البناء ولا يعرف دهاليزه فيغشه، وهذا يتعارض مع حديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». * جملة «فرسك خير من ذلك، لكل تاجر يفهم من مثل «التجارة شطارة» أنه يباح له إنفاق سلعته بالحلف الكاذب، أو يخدع زبونًا بشراء أو استبدال سلعة ما. * جملة « فرسك خير من ذلك»، نبذ للأنانية الممقوتة، وإعلان براءة من غش الناس فمن غشهم فقد ظلم نفسه. * «فرسك خير من ذلك».. إرساء لمبدأ النصيحة التي هي عماد الدين. * عبارة « فرسك خير من ذلك»، خلاص من بخس الناس أشياءهم، وابتعاد عن سلوك «المطففين» الذين توعدهم المولى سبحانه بالويل. - بعضهم يعيش في الحياة لذاته وهذا ليس عيبًا؛ العيب حينما ينظر للآخرين على أنهم مجرد أدوات يستخدمها لصالحه، وسُلّم يصعد عليه لرغباته، فلا صح عنده إلا ما دعم توجهات، ولا قيمة لشيء إلا ما صب في موازين حساباته.
- وأخيرًا،لا أقول للناس كونوا كـ «جرير» وافعلوا كما فعل، فربما كانت تلك منزلة إيمانية عُليا، لا يُلقاها إلا الذين صبروا، ولكن أقول لهم على أقل تقدير: دعوا عنكم الغش واطرحوا الكذب أرضاً، فما أفلح غشاش ولا نجح كذاب.
* قفلة: قال أبو البندري غفر الله له: في عصرنا صارت.. الغيبة تسلية، والخداع والغش مهارة.. وكلها جرائم تستحق العقاب!