[email protected]
ما أجمل أن تكون علاقتنا الاجتماعية بالغير علاقة حميمة تخلو من المصالح والماديات، وتقوم على المنافع المعنوية التي تربط الإنسان بغيره برباط الاحترام أولاً والود والتعاون وحب الشخص لأخلاقه الكريمة وصفاته النبيلة.
الأسرة، والأصدقاء، والجيران بالإضافة إلى زملاء العمل، وغيرهم، علاقة تواصل متميزة، لأن العلاقات الاجتماعية مهمّة جدّاً في حياتنا وواقعنا الذي نعيشه خاصة التي تقوم على المحبة، والتسامح، والنيات السليمة، والتضحيات.
للأسف توجد أحياناً في المجتمعات علاقات اجتماعية عكس ذلك، فئة من المجتمع وليس الجميع.
الإنسان كائن حي اجتماعي بطبيعته والعزلة احباط وموت بطيء، كثيراً ما نجد بعضاً منا دائم الانعزال وهذا الانعزال المصدر الرئيس لاكتئابه فالشعور بالوحدة ثقيل ومضر بالصحة يجب ألا يستهان به، شعور نفسي قد يصيب بالقلق وربما بأمراض أخطر.
كشفت دراسات حديثة أن الوحدة قد تكون أسوأ من التدخين، وأحيانا قد تنجم عنها أخطار صحية كما قد تكون سببا في تسريع الشيخوخة.
فالشعور بالوحدة والتعاسة قد يسرّع الشيخوخة أكثر من التدخين، وفق دراسة حديثة نشرت نتائجها في سبتمبر/أيلول 2022، في مجلة «إجنيغ» «Aging» المتخصصة بكل ما يعزز علاج الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.
وعند مقارنة الباحثون نتائج اختبارات المشاركين بأعمارهم وجنسهم، لمعرفة العوامل التي جعلت الناس يشيخون أسرع، كانت النتيجة أن السبب الرئيس والعامل للانحدار السريع إحساس الشخص بالوحدة التي تولد التعاسة، ويزيد عمر بيولوجي واحد بمقدار 20 شهرا، ثم يليه التدخين بإضافة نحو سنة و3 أشهر إلى عمر الإنسان. فالمكون النفسي تأثيره قوي في دراسات الشيخوخة والعمر البيولوجي. فالجسد والروح مرتبطان، ومن الأعراض أيضاً، انخفاض النشاط البدني والاجتماعي، كما قد تضر العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة بصحة الدماغ، إذ تم ربطهما بضعف الوظيفة الإدراكية وزيادة خطر الإصابة بالخرف «بنسبة تبلغ 50%»، بما في ذلك مرض الزهايمر بناء على الدراسات.
أما عزلة البعض غير المعروفة أسبابها عن محيطهم الاجتماعي، ربما لغريزة داخلية في أعماقهم، وقد سمى طه حسين هذه الغريزة بـ «الغريزة الوحشية»، التي تجعلهم يفضلونها على مخالطة غيرهم من الناس من أجل التمتع بسكون الحياة وبساطتها، والكارثة إن لم تكن كما وصفها طه حسين بالغريزة والوحشية، وكانت مرضاً نفسياً يصيب الناس.
الواقع الذي نراه اليوم في بعض البيوت، الأبناء يعزلون أنفسهم في غرفهم بين أجهزتهم الذكية على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى عندما يجتمعون للطعام هواتفهم النقالة أسرع منهم، أصبح التواصل الإلكتروني مجال إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية من الحواسيب علاوة على الأجهزة الذكية، تلك التي جعلت كل فرد من أفراد العائلة يعيش في عزلة لا يتحدثون مع بعضهم البعض بقدر ما يتحدثون بأجهزتهم الذكية، حتى أثناء تناول الطعام يجلسون وهواتفهم النقّالة تسبقهم. في بعض الأسر بالطبع ولا أعمم، الحياة بالعلاقات الاجتماعية حياة.