(@abolubna95)
يقول أهل الحكمة "ما خاب من استشار" ذلك يعني أنه من العقل والحكمة أن تطلب استشارة الآخرين في حالات عدم اليقين المرتبطة باتخاذ قرار معين أو خوض غمار تجربة جديدة أو عند الحيرة في المفاضلة بين خيارات متعددة، وكذلك في حال مواجهة المشاكل الشخصية أو حتى عند مواجهة الصراعات في بيئة العمل وغيرها من الحالات المشابهة، فالاستشارة تزيد من احتمالية الوصول إلى القرار الأمثل.
وطلب الاستشارة من الأمور التي حثنا عليها شرعنا الكريم مما يدل على أهميتها والمنافع المترتبة عليها، قال الله تعالى في سورة ال عمران} وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ {وقد كان الحبيب عليه الصلاة والسلام يشاور أصحابه في العديد من الأمور ومن أمثلة ذلك ما حدث في غزوة بدر عندما قال (أشيروا عليَّ أيُّها الناس)، وقد سار على هذا النهج المسدد صحبه الكرام من بعده فينقل عن الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله (من أستبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال فقد شاركهم عقولهم).
تُعرف الاستشارة على أنها فن استخدام العقول، وهي بالفعل "فن" حيث أن تقديم الاستشارة يتطلب مستوى عالي من التفكير والتحليل وصولاً لجذور المشكلة وتتطلب ايضاً توفر مهارة فهم التفاصيل المعقدة والالمام بأساليب المفاضلة بين البدائل، ولا يتأتى ذلك إلا إذا طُلبت ممن هم أهل تجربة ومعرفة وذو دراية واستشراف بمآلات الأمور. ويتطلب تقديم الاستشارة الخبرة اللازمة في المجال المطلوب الاستشارة فيه حتى يصبح فعلاً أهل لتقديمها، فالأطباء -على سبيل المثال-هم المؤهلون لتقديم الاستشارات الطبية، كما أن المشايخ وعلماء الدين هم أهل الاختصاص عند الحاجة للنصائح الدينية والتوجيه وعلى هذا النحو يكون القياس.
وحتى يحصل طالب الاستشارة على الاستشارة المفيدة والفاعلة وبالتالي يتجاوز حالة عدم اليقين التي يمر بها فلابد أن يكون واضحاً في عرض موضوع الاستشارة أو المشكلة المطلوب التوجيه حيالها، كما لابد أن يكون مستمعاً جيداً ولديه استعداد لقبول واحترام جميع الآراء المختلفة، كما يتعين على طالب الاستشارة ايضاً ألا يتردد في طرح الأسئلة والاستفسارات تجاه ما يقدم له حتى يحصل على فهم دقيق للاستشارة المقدمة له، وفي نهاية الأمر يتوجب على طلب الاستشارة بعد الحصول على الاستشارة المطلوبة تقييمها بناء ظروفه وامكانياته حتى يتمكن من الوصول إلى القرار الأنسب له ولظرفه.
ختاماً، فإن الاستشارة تلعب دوراً مهماً في توجيهنا نحو الحلول الممكنة وفهم أوضح للعلاقات وكذلك مساعدتنا في اتخاذ أفضل القرارات المستنيرة في العديد من المواقف التي توجهنا على المستوى الشخصي أو حتى العملي بشرط أن تطلب من الأشخاص المؤهلين والذين يتمتعون بالحكمة والخبرة الحياتية أو المهنية.