- قال تعالى: «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»، وهو دليل على مكانة الإبل وكيف أن الله سبحانه وتعالى خصه من بين المخلوقات، وهو مدعاة للتأمل في خلقه وكيف تتجسد قدرة الخالق البديع المصور.
أعلن الأسبوع الماض مجلس الوزراء السعودي موافقته على تسمية عام «2024» بـ «عام الإبل»، وذلك لما تحظى به الإبل من مكانة أصيلة و راسخة، ودليل واضح على اهتمام القيادة الرشيدة بالموروث الثقافي والتاريخي وربط الحاضر بالماضي في تعزيز الهوية الوطنية، ولتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
- تمثل الإبل الهوية السعودية ولها قيمة حضارية واقتصادية، فهو حيوان ورمز وطني كما الكانجروا في استراليا، الفيل في الهند، والنسر في أمريكا، تربط السعودي بالإبل علاقة وطيدة ولها مكانة كبيرة في قلبه، وتعد أيقونة ثقافية وتراث عريق متجذر منذ زمن طويل، ولها تاريخ متأصل مع أبناء الجزيرة العربية. ثقافة الابل هي مدعاة للفخر والاعتزاز بنوعيتها المميزة وأعدادها، فكان الرفيق في الحل والترحال. و يشاركهم فـي تفاصيل عدة في حياتهم، لعبت الإبل دورا محوريا فكانت وسيلة أساسية للنقل في السلم والحرب، ومصدر للرزق والغذاء فيستفاد من لحومها، وحليبها، وجلودها ومنتجاتها المختلفة، بل تعد أحد المصادر الرئيسية للدخل ولها ارتباطا اجتماعياً واقتصادياً مؤثرا في تاريخ وحياة الإنسان وعلى مر العصور .
- وبحسب احصائيات وزارة البيئة والمياه والزراعة، تتميز المملكة باحتوائها على أعداد كبيرة من الإبل بلغت قرابة مليوناً و800 متن. قامت الوزارة بمشروع لترقيم الإبل و بلغ عدد الإبل المرقمة حتى الآن أكثر من مليون و600 متن، وقطاع الابل هو مجال استثماري واقتصادي ضخم وواعد فلا بد أن يتم التركيز عليه من رجال الأعمال لترسيخ جذوره وإبراز قيمتها وعناصرها الأصيلة، وتقديمها إلى العالم بشكل مختلف من خلال مشاريع ومنها تقديم حليب الإبل كعلاج لبعض الامراض حيث أثبتت الدراسات أنه ساعد في تخفيف من أعراض مرض التوحد لتركيبته الفريدة لعدم ارتفاع نسبة الكازيين والتي تكثر في حليب الأبقار، ففوائد حليب الخلفات بالنسبة للإنسان لايمكن تصورها وذلك بمجمله سيعزز الجهود الوطنية لتنمية قطاع الإبل وزيادة مستوى مساهمته في التنمية الوطنية.
- وللإبل أنواع عدة في السعودية منها «المجاهيم»وهي الإبل النجدية، وتتصف بلونها الاسود، وحجمها وغزارة حليبها، و«الوضح» هي نوع اخر متوسطة الحجم، معتدلة في إدرار الحليب مقارنة بالمجاهيم وتتميز بصفاتها الجمالية، أما إبل «الشعلاء» ألوانها متداخلة بين الأحمر والأشقر وتمتاز بسرعة الجري. والإبل كأي كائن حي يمر بمراحل عدة فتسمى الإبل بحسب عمرها فعند الولادة يطلق عليها «حوار» وبعد أن يتم السنة يسمى «مفرود»، وعندما يصبح عمره السنتين يسمى «لقي»، ويتراوح عمر البعير مابين 25 إلى 30 سنة، ويسمى الذكر عندما يكبر بقعود والأنثى تسمى بكرة.
والإنسان ابن بيئته، لذا نجد حتى في الشعر تم ذكر الإبل وبشكل واضح، كما أن أمثال العرب لم تخلو منها مثل «لا ناقة لي فيها ولا جمل»، و «ما هكذا تورد الإبل»، والإبل جزء من تقاليد الآباء والأجداد، ويعد الإبل موروثنا الأول في المملكة، فعام الإبل 2024 يهدف إلى ترسيخ العلاقة العميقة بين المجتمع السعودي والإبل جيلاً بعد جيل، كما يجسد الإهتمام بالإنسان المعاصر ودعوة للمحافظة عليه تاريخه وتراثه.