يكثر الحديث عن تهيئة الأبناء لسوق العمل وضرورته واحتياج الكثير من الأبناء إليه، فكثير من الأبناء اليوم يدخل سوق العمل وهو لا يملك مؤهلاً ولا مهارة.
والكلام عن ضرورة التهيئة لسوق العمل أو حياة العمل صحيح ومهم واحتياج واقعي ومستقبلي، ومن رأى الواقع عرف أهمية اعداد الأبناء لتحمل مسؤولياتهم، من خلال تنمية الوعي لديهم، فلا حياة بلا عمل، وتزويدهم بالمهارات اللازمة وتقديم أعمال لهم تتناسب مع مرحلتهم السنية وقدراتهم.
وأيضاً -خصوصاً مع كثرة الطرح- يجب الحرص على التوسط والبعد عن الإفراط والتفريط، فعدد لا بأس به مع شديد الأسف من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات واقعين بين الإفراط والتفريط، فبعض الآباء هو من ينهي جميع معاملات ابنه -حتى في الجامعة - بنفسه بينما ابن أمه أو أبيه جالس في البيت متعود -ويعوّد- على «شبيك لبيك»، وبعض المعلمين والمعلمات يقدمون لطلابهم وطالباتهم حتى الملخصات والتلميح لأسئلة الاختبار بحثاً عن الحب، وبالمقابل هناك آباء حولوا أبناءهم إلى كيان من الجشع وتعظيم قيمة العمل والمال حتى ابتعد الابن عن قيمه ومبادئه وأصبح مشروع ابن عاق، وبعض المعلمين يتعامل مع طلابه بالمسطرة فلا يراعي ظرفاً ولا قدرة بينما هو يظن أنه يبني القدرات.
في سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم نجد تهيؤاً مبكراً لسوق العمل، فكما ورد في كتب السير: ولد النبي ﷺ يتيماً ونشأ في كفالة جده ثم عمه، ولم يرث عن أبيه شيئاً يغنيه، فلما بلغ سناً يمكن العمل فيه عادة رعى الغنم مع إخوته من الرضاعة في بني سعد، ولما رجع إلى مكة رعاها لأهلها على قراريط، والقيراط جزء يسير من الدينار: نصف العشر أو ثلث الثمن منه. قيمته في هذا الزمان عشرة ريالات تقريباً، ولما شب النبي ﷺ وبلغ الفتوة فكأنه كان يتجر، فقد ورد أنه كان يتجر مع السائب بن أبي السائب، فكان خير شريك له، لا يداري ولا يماري، وجاءه يوم الفتح فرحب به، وقال: مرحبًا بأخي وشريكي.
أعدوا أبناءكم للمعالي، وسوق العمل ميدانها، ولكل ابن وابنة ساعدوا آباءكم وأمهاتكم ومعلميكم ومعلماتكم فهم يعملون من أجلكم وكما قال الأول:
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ ... فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ
@shlash2020