@sayidelhusseini
من أجل استمرار حياة الإنسان بنسلـه وكذلـك لـعدة فوائد أخرى .. »فوائد نفسية وفوائد جسدية وكذلـك فوائد دينية وأخرى اجتماعية« .. من أجل ذلك حث دين الإسلام على الزواج وشرعه بعقد نكاح لفظي بين الـرجل والمرأة متفق عليه بينهما وجعلـه »نصف الـدين« وأن »الـنكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي فلـيس مني« وهذا كما ورد عن نبينا الأكرم محمد صلـى الله علـيه وآلـه الأخيار، فالـزواج هـو رحمة من الله - عز وجل- ونعمة علـى عباده لما في ذلـك آثار طيبة علـى الإنسان بحال قام الزوجين بواجباتهما، وقاما بمراعاة حقوقهما وعاشا حياة كريمة بطاعة الله فيها الألـفة والـتفاهم والمودة، كما أمرهما الله عز وجل :« وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ».. وهنا ينبغي التوقُّفُ عند الـطلاق والـتأنّي فيه؛ لما فيه من تفكيك لـلأسرة الـتي تشكِّل نواة المجتمع، ولكن هذا لا يعني أنّ الطلاق بغيض على كل حال، ومهما كانت الظروف؛ فإنّ المغزى من الأحاديث المتقدمة أنْ يتأنى الناس في قرار الطلاق بعد استنفاذ كل محاولات الإصلاح الممكنة لـبقاء الـعُلْقَة الزوجية، ولكن شريطة أنْ تكون هذه الـعلـقة سلـيمة؛ بحيث لا يلزم من بقائها ضرر أعظم من الطلاق نفسه.
* الطلاق الواجب والمستحب* لاشك أن الله سبحانه وتعالى ما شرع أمرا إلا لما فيه مصلحة الـعباد، وإن الـزواج هـو الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة، لذلك نجد أن الإسلام حرص علـى استمرارية هـذه المؤسسة وشرع مجموعة من الأحكام لتنظيمها، كما بين حقوق وواجبات كل طرف فيها حتى لا يطغى أحدهما على الآخر، ولـكن رغم حرص ديننا الحنيف علـى ديمومة الـعلاقة الزوجية إلا أنها لعدة أسباب تصل إلـى باب مسدود بعد استنفاذ كل وسائل الـصلـح بينهما، وهنا يصبح من شأن استمرار الزواج أن يتسبب في مشاكل عميقة تنعكس ويلاتها علـى الـزوجين والأسرة كلها، وفي هذه الحالة شرع الإسلام الطلاق كحل لعلاقة غير صحية ويكون البقاء على الزوجية مُوْقِعاً بالحرام، وهذا الـطلاق لـيس بغيضا إلـى الله، بل الـبقاء على الزوجية هو البغيض إليه تعالى؛ لما فيه من مفسدة ملزمة أوجبت الطلاق، كما أن الزوجين إذا وصلا إلى درجة من النفور صار العيش معه نكداً.
* الطلاق المنهي عنه* هناك من الأزواج لـلأسف الـشديد يندفعون إلـى طلـب الـطلاق دون وعي لـلـنتائج الـوخيمة الـتي يتسببون فيها ليس لشيء إلا لانعدام المسؤولية وغياب الـوعي بالـنتائج، والانسياق نحو الـشهوات، وهنا سينتج عن الـطلاق ضياع الـزوجة، مثلًا وهتك سترها، أو تشتُّت الأسرة وضياعها، ولا شك أنّ الـطلاق في هـذه الحالة بغيض إلـى الله؛ لما فيه من مفسدة مُلزمة نَهَتْ عن إيقاعه، ونؤكد هـنا فيما إذا لـم يكن سبب الـطلاق وجيها، حينها يكون الطلاق أيضا مبغوضا إلى الله، لكن لا إلـى حد النهي عنه نَهْيًا يلزم منه اجتراح المعصية، ويبقى الطلاق مكروها فيما إذا كانت العلاقة بين الزوجين باردة لا حياة فيها؛ حيث يتساوى الـبقاء على الـزوجية والـطلاق، ومن المهم بذل الجهد لإنجاح الـعلاقة لأنها ليست بالسهولة بما كان، والـزوجين مطلـوب منهما المزيد من الصبر والثقافة والـعمل معاً وتقدير الـعلاقة ونسبة نجاحها ومحاولة إنقاذها بالقدر المستطاع، ويبقى الطلاق حلاً بعد استحالـة الـعلاقة ويبقى »أبغض الحلال عند الله الطلاق« .