مع الأسف تجد اليوم من يستهزئ برعي الغنم، ويرى أنها أقل من مستواه، مع أن هذه المهنة تُعتبر من أقدم المهن التي عرفتها البشرية، كما أنها مرتبطة بالأنبياء والنابغين، فعندما تقرأ سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تجد أنه رعى الغنم صغيراً في ديار بني سعد وفي مكة، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم»، قال أصحابه: وأنت؟ قال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من خير معاش الناس لهم: رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل أو الموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير»، وفي النصرانية القس تعني راعي.
هناك خلل في بعض الموازين التي نزن بها الأمور نحن وشبابنا، ومنها نظرتنا إلى المهن، مع أن العالم لا يمكن أن يستغني عن أصحاب المهن، ولذلك يبتعد عنها تجاه أصحاب الياقات البيضاء ويعود إليها، فهي الثابتة وغيرها متغير، وفي مهنة رعي الغنم خصوصاً تدريب وتأهيل للقيادة والمهام الكبرى في الحياة، ففيها تطبيق لوظائف الإدارة جميعها من التخطيط إلى التنظيم إلى التوجيه إلى الرقابة، وتربية على التواضع وسعة الصدر وطول البال، كما أنها تتطلب اليقظة والإدراك ووعي الراعي بما يحدث حوله، وهي فرصة لتكوين الذات من خلال استغلال الوقت الذي يقضيه الراعي برفقة أغنامه.
أتمنى دعم هذه المهنة الشريفة، مهنة الأنبياء، كما أتمنى التوجه إليها كمشروع استثماري من قبل شبابنا، ففيها خير وبركة ولا تتوقف الحاجة لها، وبالنسبة لكبار السن تعتبر مشروع ترويحي مع الاستثمار، لذلك ليت الأبناء يجعلون من برهم بآبائهم مساعدتهم في الانشغال بهذه المهنة التي هي مهنة الكثير من آبائهم وأجدادهم من قبل.
أتمنى أيضاً ونحن نعيش هذه الأجواء الباردة ألا يهمل الكفلاء رعاة أغنامهم، وأن يسعى زوار البر بمساعدة من يمرون عليهم من الرعاة بما يستطيعون.
ما من نبي إلا رعى الغنم، ومن أكرم من الأنبياء؟!
@shlash2020