انخفضت أسعار السلع الغذائية في عام 2023 المنصرم عن العام السابق عليه 2022 وذلك مع تراجع حدة الظروف التي ساهمت في ارتفاع الأسعار بشكل كبير رغم استمرار تأثير هذه الظروف وعدم انتهائها.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن الأسعار العالمية للسلع الغذائية مثل الحبوب والزيوت النباتية انخفضت العام الماضي من مستويات قياسية في عام 2022 بعدما ساعدت الحرب الروسية الأوكرانية، والجفاف وعوامل أخرى في ذلك علاوة على تفاقم مستويات الجوع في كافة الأنحاء، وفق ما أوردت صحيفة "ذا مانيلا تايمز".
وهبط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء الذي يتتبع التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية للسلع الغذائية بنسبة 13.7% في العام الماضي عن متوسط عام 2022 لكن أسعار السكر والأرز ارتفعت خلال نفس الفترة. وفي الشهر الماضي، انخفض المؤشر بنحو 10% مقارنة بشهر ديسمبر 2022.
يأتي انخفاض أسعار السلع الغذائية في عام 2023 على الرغم من عام صعب شهده الأمن الغذائي في العالم من تأثيرات مناخية مختلفة مثل الجفاف والفيضانات وظاهرة النينيو بالإضافة إلى تداعيات الصراعات مثل الحرب في أوكرانيا والحظر على تجارة المواد الغذائية التي زادت من تضخم أسعار الغذاء وضعف العملات وهو الأمر الذي أضر بالدول النامية على الأخص. وواجه أكثر من 333 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023 وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
الأرز والسكر
وعلى وجه الخصوص، واجه الأرز والسكر مشكلة في العام الماضي بسبب التأثيرات المناخية في آسيا مما أدى إلى ارتفاع الأسعار خاصة في الدول الأفريقية.
وباستثناء الأرز كان مؤشر الحبوب في العام الماضي أقل بنسبة 15.4% عن متوسط عام 2022 وهو ما يعكس وفرة الإمدادات في الأسواق العالمية وذلك على الرغم من انسحاب روسيا من صفقة الحبوب من أوكرانيا إلى دول في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
وارتفع مؤشر الأرز لدى منظمة الأغذية والزراعة بنسبة 21% العام الماضي بسبب القيود التي فرضتها الهند على صادرات بعض أنواع الأرز والمخاوف بشأن تأثير ظاهرة النينيو على إنتاجه، وهو مايعني ارتفاع أسعاره لكثير من الأسر.
وبالمثل، وصل مؤشر العام الماضي إلى أعلى مستوى له منذ عام 2011 حيث توسع بنسبة 26.7% مقارنة بعام 2022 بسبب المخاوف بشأن انخفاض الإمدادات.
وجاء ذلك بسبب الطقس الجاف غير المعتاد الذي ألحق الضرر بالمحاصيل في الهند وتايلاند ثاني وثالث أكبر مصدرين في العالم.
ومع ذلك، تحسن مؤشر السكر في الشهر الأخير من عام 2023 ليصل إلى أدنى مستوى له في تسعة أشهر بسبب الإمدادات القوية من البرازيل أكبر مصدر للسكر وكذلك الهند التي خفضت استخدامها لإنتاج الإيثانول.
القمح والموردين
ويقول محللون إن الدول التي تشتري القمح وجدت إمدادات منه في أماكن أخرى فلم ينحصر الأمر في روسيا أو أوكرانيا وذلك مع انخفاض الأسعار عما كانت عليه قبل بدء الحرب.
عدم انخفاض أسعار المواد الغذائية
وأشار الخبير الاقتصادي والمتخصص في صناعة الأغذية برونو بارمينتييه إلى أن انخفاض أسعار السلع الغذائية لا يعني بالضرورة انخفاضا في أسعار المواد الغذائية، ذاكرًا أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى تترجم الأسعار الجديدة على أرفف المتاجر.
وقال بارمنتييه: "الدقيق لا يمثل سوى أربعة إلى ثمانية بالمائة من سعر الرغيف الفرنسي". وأضاف أن "معظم التكلفة يأتي من ارتفاع تكاليف العمالة وتكاليف الإنتاج" مثل الطاقة والمياه والإيجار.
أسعار الزيوت النباتية
وسجل مؤشر أسعار الزيوت النباتية أكبر انخفاض في العام الماضي حيث انخفض بنسبة 32.7 % وذلك بفضل تحسن الإمدادات وانخفاض الاستخدام لإنتاج الوقود الحيوي.
وحول العام الجاري 2024 فقد يؤثر تطرف الظروف المناخية علاوة على البشرية في عودة ارتفاع الأسعار خاصة واستمرار تأثير الاشتباكات في غزة حتى وتأثيرها على الإمدادت العالمية.
ارتفاع أسعار الوجبات السريعة في بعض الأماكن
وفي إشارة إلى ارتفاع أسعار الغذاء كالوجبات السريعة، ذكر موقع ريتيال واير، أن عدد المراقبين لاحظ مؤخرًا في أحد مطاعم ماكدونالدز في دارين بولاية كونيتيكت الأمريكية ارتفاع سعر وجبة إلى 18 دولارًا ما يشير إلى استمرار ارتفاع أسعار صناعة الوجبات السريعة.ويُعزى ذلك في المقام الأول إلى ارتفاع تكاليف التشغيل وخاصة العمالة.
أصبحت كاليفورنيا نقطة محورية في هذا السيناريو بسبب إدخال حد أدنى للأجور قدره 20 دولارًا لعمال الوجبات السريعة اعتبارًا من 1 أبريل 2024 وهو ارتفاع كبير عن المعدل السابق البالغ 16 دولارًا.
وستتوقف سلسلة المتاجر الكبرى العالمية "كارفور" عن بيع منتجات "بيبيسي" PepsiCo في متاجرها في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا بسبب الزيادات في أسعار بعض منتجاتها مثل رقائق البطاطس وشوفان كويكر وشاي ليبتون المثلج والصودا.
وقالت الشركة الفرنسية إنها سحبت منتجات بيبسي كو في فرنسا ووضعت لافتات صغيرة في المتاجر تقول "لم نعد نبيع هذه العلامة التجارية بسبب الزيادات غير المقبولة في الأسعار".
ويأتي ذلك في ظل قانون فرنسي جديد يهدف إلى مكافحة ارتفاع تكاليف المعيشة حيث تواجه محلات السوبر ماركت غرامات بالملايين إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الموردين بشأن الأسعار بحلول نهاية الشهر، وفق ما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.