هناك جملة استراتيجية عميقة وطموحة للغاية ذكرها معالي المهندس عبدالله السواحه، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، حين قال «اليوم لدينا فرصة لبناء اللبنات الأساسية لاقتصادنا المستقبلي العالمي، مع دخول عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي»، وهي في تقديري من الأهمية بمكان للانطلاق في تطبيقات الاقتصاد المعرفي الذي يضعنا في مقدمة اقتصادات العالم طالما تتوفر لنا المزايا والموارد اللازمة لذلك وأولها الثقة في قدرات أبناء الوطن كموارد بشرية يمكنها أن تصنع الفارق في المجال التقني.
حين أجد كثير من الممارسات الرقمية والتقنية التي يبرع فيها شبابنا وشاباتنا تتعزز الثقة في أننا يمكن أن نصنع المستقبل وليس مجرد أن نكون جزءا منه، وهناك فارق كبير بين استشراف المستقبل وصناعته، وكما يقول علماء الإدارة فإن «أفضل وسيلة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تصنعه بنفسك»، ونحن بالفعل لدينا فرصة ملهمة وعظيمة لصناعة مستقبل بلادنا، ثقة في الله ثم قيادتنا الرشيدة والملهمة وأنفسنا، وما ذكره معالي الوزير يكشف عما ينبغي أن نمضي فيه إلى مستقبل عالمي قائم على التقنية والرقمنة.
وإن كان حديث معالي الوزير جاء في سياق استضافة المملكة لإكسبو 2030 إلا أن ذلك جزء من الفكرة الكلية لصناعة المستقبل السعودي، وهذه الفعالية تمثل شكلا من أشكال صناعتنا للمستقبل، وتوظيف الوسائل والأدوات الصحيحة التي تجعلنا نستفيد من حضور دولي كبير يسهم في تعزيز صورتنا التقنية، واستفادة أبناء الوطن من التجارب العالمية والعمل على تطويرها بهوية سعودية وبصمة وطنية تدعم جهودنا لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية والوصول إلى غاياتنا في نهضة وتنمية شاملة ومستدامة.
نتفق مع معالي الوزير في القيمة العالمية لإكسبو والتي ينبغي أن نعمل على اغتنامها وتطويرها من خلال منظومة رقمية تضاعف من الأثر السعودي في الذاكرة العالمية، وذلك ليس صعبا حين نجد أننا حاليا في المرتبة الثالثة عالميا في مؤشر نضج الحكومة الرقمية الصادر من البنك الدولي، وفي المركز الثاني على مستوى دول مجموعة العشرين، والمركز الرابع عالميا في جاهزية التنظيمات الرقمية وفق تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات، ويمكننا أن نحصد مزيدا من المراكز المتقدمة في هذه المجالات وغيرها بمواصلة العمل على نهج رؤيتنا وتحقيق مستهدفاتها والذهاب أبعد من ذلك فنحن في الواقع نصنع مستقبلا وليس حاضرا فقط.