@DrAlghamdiMH
مع المدرجات لـيس هـناك مهم وأهم، جميعها مهمة إذا نظرنا لـوظيفتها ودورها في تغذية المياه الجوفية الـتي تشكل 90 بالمائة من مصدر احتياجاتنا من المياه، المدرجات هـي الـوسيلـة الـوحيدة المتاحة أمامنا لـتغذية هـذه المياه الجوفية وتنميتها. تعظيم دورها واجب وطني يعزز مواجهة العطش، ويستحق لأهميته أن يكون صاحب وزارة مستقلة لتحقيق هدف تعظيم تغذيتها. لنتذكر دوما.. أن الأمطار في مناطقنا الجبلـية المطيرة هي مورد الماء الـطبيعي المتاح أمامنا وليس غيره شيء. مع وجود المدرجات سيكون هناك تغذية للمياه الجوفية المتجددة حتى في شح الأمطار. لن يتوقف مدادها من المياه الـعذبة. بل ستتعاظم مع توفر شروط هـطول الأمطار. إنها وسيلـة في متناول يد الإنسان وإمكانيته حتى في أحلك الظروف.
هل هـناك رقم محدد لكميات الأمطار الـهاطلـة علـى جبال مناطقنا المطيرة جنوب غرب المملكة؟ حتى لا أدخل في حسابات التقصير وغياب المعلـومات الموثقة من الجهات المسئولة، أقول بتقدير محكم الطرح حتى في أقسى ظروف شح الأمطار: لا تقل عن 15 مليار متر مكعب سنويا. لكنها تزيد مع زيادة هطول الأمطار، لتتجاوز 60 مليار متر مكعب سنويا. ذلك يتوقف على عوامل من أهمها كثافة الغطاءالنباتي، حيث يزيد المطر مع زيادة أشجار هـذه المناطق وغاباتها. هذه الأرقام فلكية مقارنة بإنتاج محطات الـتحلـية الـباهظة الـتكلـفة وذات العمر الافتراضي.
البيئة كيان حي يتعرض للعوامل السلبية والإيجابية، ولكل دور وتأثير على مستقبلها. وتموت البيئة كأي كائن حي، خاصة البيئات الهشة مثل مناطقنا الـعربية الجافة، في حال اختل توازن مكوناتها بفعل سطوة أعمال الأطماع والجشع والتصرفات غير المسئولة للإنسان.
تعطي البيئة إذا أعطاها الإنسان ولـم يبخل علـيها. ويثمر الـعمل الإيجابي مع الـبيئة، فتكون سندا لأهلها ما دام سندهم لها قائم، من أجل هـذا وبسببه وصلـت إلينا هذه الـبيئة المطيرة سلـيمة ومعطاءه.
حافظت علـى بقائنا عبر الـعصور والأزمان. الـيوم انحرفت إبرة البوصلة عن البيئة. وبدأنا ننهش
في جسدها ومكوناتها. أصبحت محل استغلال بدلا من أن تكون محل حماية واهتمام وتنمية. تتهدم مدرجاتها وتتصحر بيئتها أمام أعيننا دون أن يرمش لنا جفن. ننظر لها كغنيمة يجب افتراسها دون أدنى تفكير في العواقب السلبية وتأثيرها على مصير مستقبل أجيالنا.
مع البيئة إذا فات الفوت ما ينفع الصوت. مع البيئة لا تظهر الكارثة فجأة لكن لها مؤشرات تظهر مبكرا.
تجاهلـها وتجاهل رصدها منقصة ذات تأثير موجع. عدم معالجة أسباب هذه المؤشرات يزيد من ضررها. مثل الأمراض التي تفتك بأجساد البشر.
تحتاج متابعة وعلاج. قالت العرب: الوقاية خير من الـعلاج. هـذا يمكن تطبيقه مع جسم البيئة ومكوناتها. إذا تجاوزنا مؤشرات سلـبية تعاني منها البيئة، تجاهلا وجهلا أو لأي سبب كان، يتعاظم ظهور جبل الكارثة في نهاية الأمر. عندها ليس أمام الإنسان سوى الهجرة أو الموت معها وعلى أديمها.
الـكوارث البيئية تقع بعد ظهور المؤشرات بعشرات الـسنين. بعضها يتجاوز 100 عام. من أجل هذا أرفع صوتي للعمل على إنقاذ المدرجات الحجرية والمدر الـزراعي في جبال مناطقنا المطيرة في الجنوب الغربي من المملكة قبل أن تحل كارثة فقدها.
موت الغطاء النباتي في مناطقنا الجبلـية المطيرة بشكل جماعي لـم يحرك ساكنا. تجريف الـغابات المتعمد وبدون أدنى مسؤولـية، وتجريف المدرجات مع مدرها الـزراعي عمدا لا يثير فينا الغيرة على أهميتها ووظيفتها. جرف مياه الأمطار للتربة الـزراعية الـنادرة في جبالنا المطيرة لا يثير انتباهنا.
ضياع مياه الأمطار وتحولـها إلـى فيضانات عارمة تتبخر في نهاية المطاف لا يعني شيئا، في وقت نبذل مليارات الريالات لأعذبة مياه الـبحار. ويستمر الحديث بعنوان آخر.