من ذلك عبارة : « الله يكسر قرونها «، بين لي أحدهم وهو محب للأمثال الشعبية بشكل لافت أن معنى هذه العبارة مأخوذ من حالة تمر بها الابقار عندما لا تكون طيعة بما يكفي في بداية تعاملها مع الناس، أو في بداية تعامل الناس معها، حيث يلجأ البعض اربط قرن من قرونها لكي تستجيب للتعامل الانساني ويحدث أن تؤذي البقرة نفسها من شدة المقاومة بما يجعلها تخسر قرنها، وعند ذلك لاتعود للمقاومة مرة أخرى وتكون أكثر طاعة لمن يتعامل معها من مربيها.
تذكرت هذه العبارة بأسف وألم شديد عندما نقلت الأخبار في الأسابيع الأخيرة أن طرفي النزاع في السودان سيعودان لطاولة الحوار، وأكثر من ذلك أن الطرف الذي كان يرفض اللقاء، أو الحوار المباشر وهو الجيش اصبح أكثر مرونة ، وأن القصة مسألة وقت يجتمع فيها الخصمين العسكريين وجهاً لوجه، الأهم من الاجتماع الذي ترتب له قوى سياسية سودانية مدنية، واقليمية أن يكون مثمراً ويوقف دائرة الصراع الزائدة عن الحاجة والتي استنزف فيها السودان الشعب، والناس حتى العظم. من العناصر التي جعلت طرفي الصراع يضيعون كل هذا الوقت دون أن يتجهوا للسلام أن كل الخصمين ينحدر من بيئة مهنية واحد وهو السلك العسكري، ومن المعروف أن طبقة العسكر في دول العالم الثالث هي أكثر الطبقات تنظيماً بين طبقات المجتمع، مما يجعلها تواقة في الغالب للقفز إلى مقاعد السلطة، مما يقلل وجود المدنيين كقيادات سياسية، وفي كثير من التجارب خاصة في الدول الأفريقية حدث أن وصل للسلطة وجوه مدنية وكانوا في المواقع المتقدمة، ولكن لرغبة في الاحتفاظ بالسلطة لفترات طويلة كانوا يعرضون على القوى العسكرية المشاركة في السلطة، أو حتى يسلمونهم القيادة السياسية.
ومن مظاهر النقص في التجارب السياسية في العالم الثالث احتكار السلطة بين القوى العسكرية، علماً أن هذه القوى تعلن دائماً أنها مدنية، وديمقراطية، ولكن لا تتخلى عن البزة العسكرية ولا تمل من تنظيم الانقلابات. في التجربة السودانية كثير من الدروس في هذا البلد الذي عرف الاستقلال منذ العام ١٩٥٦م وكان للجيش دور بارز في قيادة الدولة والمجتمع. لعل اللقاءات الأخيرة بين طرفي الصراع تغير من هذا التاريخ الطويل من النزاع.
@salemalyami