مديونية عالمية ضخمة
يمكن القول إن تحويل الأفكار إلى أفعال أمر بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلًا في ظل مديونية الحكومات برقم مالي غير مسبوق قدره 88.1 تريليون دولار أي ما يعادل الناتج الاقتصادي السنوي العالمي تقريباً.
وانفجرت مستويات الديون العامة خلال الوباء ومن المرجح أن يحطم الاقتراض الجديد هذا العام الأرقام القياسية في العديد من الاقتصادات الكبرى مما يجعل الحكومات أقل قدرة على الاستجابة للصدمات مثل الانهيارات المالية أو الأوبئة أو الحروب خلال عام 2024 ومابعده.
تكاليف خدمة الدين العالمي
حتى في مع عدم ظهور أزمة جديدة فإن ارتفاع تكاليف خدمة الديون سوف يعيق الجهود الرامية إلى معالجة تغير المناخ ورعاية السكان المسنين في ظل معاناة قدرات الدول في توفير حدود أعلى أو مقبولة في جانب الخدمات العامة تحت وطأة الضغوط الشديدة التي أجبرت الحكومات المتعاقبة على خفض حصص الخدمات في الميزانيات بل أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه مع تزايد أعباء الديون قد تجد الحكومات نفسها غير قادرة على اقتراض المزيد لخدمة التزاماتها القائمة وتمويل الخدمات الأساسية بالقدر الكافي.
عجز الحكومات
حول ذلك قال مايكل سوندرز العضو السابق في لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا المركزي والمستشار الاقتصادي في شركة "أكسفورد إيكونوميكس" :"إنه في حال عدم قدرة الحكومات على تمويل ديونها ستضطر إلى تنفيذ تخفيضات مفاجئة ومؤلمة في الإنفاق أو زيادات ضريبية".
أضاف سوندرز لشبكة سي إن إن:"ومثل هذه الحكومات قد تفتقر إلى الحيز المالي للاستجابة للصدمات السلبية المستقبلية مما يمنع الدعم المالي عن الكثير من المشروعات الملحة".
وتقدم المملكة المتحدة - سادس أكبر اقتصاد في العالم – علامة حول ذلك ومدى سوء الأمور التي يمكن أن تتدهور أكثر عندما يرفض المستثمرون خطة الحكومة للاقتراض.
في سبتمبر 2022، تم بيع الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية البريطانية بشكل حاد جزئيا استجابة لخطط رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس لإصدار المزيد من الديون من أجل دفع تكاليف التخفيضات الضريبية.
وقال ديف رامسدن وهو مسؤول كبير في البنك المركزي في ذلك الوقت: "إذا استمر الخلل في هذا السوق أو تفاقم فسيكون هناك خطر على الاستقرار المالي في المملكة المتحدة وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض تدفق الائتمان إلى الاقتصاد الحقيقي".
ورغم أن البنوك المركزية قادرة على توفير دعم طارئ مؤقت فإنها غير قادرة على تمويل العجز الحكومي بدلا من مستثمري السندات.
أزمات الأرجنتين
وحول الأرجنتين المنكوبة بالأزمة، حيث ظل البنك المركزي يطبع البيزو لسنوات عديدة لمساعدة حكومة البلاد المسرفة على الاستمرار في دفع الفوائد على ديونها وتجنب العجز عن السداد وتسبب ذلك بانخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار بشكل صاروخي وتجاوز معدل التضخم السنوي 211% الشهر الماضي وهو أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود.
عام مزدحم بالانتخابات
ستواجه الميزانيات الحكومية ضغطًا كبيرًا أيضاً حيث يتجه نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع. وتعني هذه السلسلة من الانتخابات حافزاً ضئيلاً لشد الأحزمة بين الإدارات الحالية في حين تزيد أيضاً من احتمال سعي الزعماء الجدد إلى ترك بصمتهم من خلال خطط ضريبية وإنفاق جديدة.
وبالفعل، بدأت الديون تشكل قضية رئيسية في الانتخابات الأمريكية الرئاسية في نوفمبر حيث أصبحت المستويات القياسية من الاقتراض العام نقطة خلاف رئيسية بين الجمهوريين والديمقراطيين.